السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 36عاما، محافظ على صلاتي، وعلى قراءة القرآن، وأذكار الصباح والمساء، ومتزوج، ورزقني الله ثلاثة أبناء، وحياتي مستقرة، وبيتنا قائم على التفاهم، والحوار، والنقاش.
أعمل محاسبا في شركة صغيرة، لا تبتعد كثيرا عن منزلي، ومستقر في عملي، وهكذا كنت إلى أن جاء جيران لمكان العمل الذي أعمل به، والبيت به فتاة في المرحلة الثانوية، وملتزمة أخلاقيا، ولكنها غير ملتزمة بالزي الشرعي، وكانت دائما تنظر إلي، وفي البداية كنت لا أبالي، وأسأل نفسي: ما الذي يجعل فتاة في هذا السن تنظر إلى شاب أكبر منها سنا، متزوج، وعنده أبناء، وأشعر دائما أنها تراقبني.
مكان عملي قريب من بيتهم، ولكن رؤيتي لتلك الفتاة تكون دون قصد؛ لأنني كلما ذهبت أو عدت من العمل يتحتم علي المرور من أمام منزلهم، وأصبحت أشعر شيئا فشيئا بالتعلق بتلك الفتاة، دون أن أتحدث معها أبدا، وأصبحت أفكر بها كثيرا، ولا أعرف ماذا أفعل؟ فلا أستطيع أن أتحكم بقلبي، ولا أستطيع صرفه عن التفكير فيها، وقد حاولت مرارا وتكرارا اليأس منها، فالنفس متى يئست من الشي استراحت منه، ولكن دون جدوى، وأصبحت أفكر فيها ليل نهار، فأفيدوني بالله عليكم، وانصحوني ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إنه لا إثم عليك فيما يكون منك من نظر فجأة لهذه الفتاة، روى مسلم عن جرير -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة، فقال: اصرف بصرك.
فالمحرم هو قصد النظر، أو التمادي فيه. وكذلك الحال بالنسبة لتعلق قلبك بها، لا إثم عليك فيه؛ لأن الخطأ مغفور، قال تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما {الأحزاب:5}، وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.
ويجب عليك الحذر من الاسترسال في التفكير فيها؛ لئلا يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه؛ فالشيطان للإنسان بالمرصاد؛ لذلك قد لا يفوت أي فرصة يمكن أن يسوق من خلالها المسلم إلى الوقوع فيما يسخط ربه، قال تعالى محذرا من شره: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر{النور:21}.
والحل ليس بالأمر العسير، وقد بينا في فتوانا: 9360 بعض سبل الحل والتوجيهات النافعة.
واعلم أن من صدق مع ربه؛ فإنه سبحانه يصدقه، ويحقق له ما يبتغي، قال تعالى: فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم {محمد:21}، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأحد أصحابه: إن تصدق الله، يصدقك. رواه النسائي في سننه.
والله أعلم.