السؤال
أنا متزوجة، وعندي ثلاثة أولاد، مشكلتي أنني دائما عصبية المزاج، لا أشعر بطعم الحياة، ولا بالسعادة، مشكلتي أنني تعودت على العمل في شركات، وعلى عيش حياتي بحرية، بعد زواجي حرمت من كل شيء! عملي، حريتي، حياتي. ثماني سنوات من الزواج لا أتذكر منها شيئا، شاب شعري، وجهي دائما عابس وحزين، لا أدري كيف أضحك، ولا كيف أبتسم، أشغال البيت ومسؤوليات الحياة الزوجية جعلتني أمرض نفسيا. المشكلة الكبرى أن زوجي أرغمني على إنجاب الأولاد، وأنا بعد ولادة طفلي الأول بسبب المحن والمشاكل العصيبة التي مررت بها لم أكن أريد أن ألد أكثر، لكن مع ضغوطات زوجي، وإصراره ولدت له طفلين؛ بالرغم من أني لم أكن أستطيع وأقوى على ذلك، اكتشفت مؤخرا أنني مريضة بفقر الدم منذ زمان، وأنا لم أكن أعرف.
الآن مللت كل شيء، وسئمت كل شيء، أولادي أحبهم، أدرسهم، أعتني بهم، وبزوجي أيضا، لكنني أحيانا أصل إلى درجة كبيرة من التعب لا أقوى على أن أحرك جناح بعوضة، فوق كل هذا لا أحد يحتمل شكواي عندما أشتكي من كثرة المسؤوليات المتراكمة علي. في عقلي تناقضات كثيرة أكاد أجن. أرغموني على ترك عملي، أرغموني على إنجاب الأولاد، والبقاء في المنزل، وإن شكوت مرة واحدة لزوجي، أو لعائلتي أشعر أنهم لا يطيقونني، وزوجي أكثر، يثور غضبا علي. ما هذه الحياة التعيسة؟
أصبحت عصبية جدا، وأحيانا لا أستطيع أن أسيطر على نفسي، أصل إلى درجة أنني أكره فيها أولادي وأطفالي عن غير إرادتي، أصرخ بقوة، وأكسر أشياء، أشعر أنني أعيش في سجن، وعندما أطلب منهم أن أذهب إلى طبيب نفسي الكل يرفض.
ساعدوني من فضلكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا ندعوك في البدء إلى أن تجتهدي في تهوين الأمر على نفسك، وأن تدفعي عنها القلق، والتوتر بالحرص على ذكر الله عز وجل، فقد قال تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}، وبهدوء البال يمكنك التفكير السليم، والسعي لتحصيل أسباب السعادة، هذا أولا.
ثانيا: احرصي على كثرة الدعاء، والتضرع إلى رب الأرض والسماء، فالخير كله في يديه، فارفعي إليه حاجتك، وسليه العافية، والشفاء، والإعانة في أمور الحياة، فهو قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.
ثالثا: عليك بتقوى الله، والصبر، فهما من مفاتيح الخير، قال الله تعالى عن يوسف وإخوته: قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين {يوسف:90}.
وتذكري أن السخط لا يأتي بمرغوب، ولا يدفع مرهوبا، بل يزيد عليك الحسرات، وقد يترتب على ذلك من الأمراض والبلاء ما لا تطيقين.
رابعا: جزاك الله خيرا على عنايتك بزوجك، وأولادك.
وينبغي أن تستشعري أنهم من نعم الله عز وجل في هذه الحياة، فلو أنك استشعرت ذلك، وأن هنالك من حرمها، علمت أنك في خير وفضل عظيم، فيكون ذلك مصدرا للسعادة، والهناء، والعيش الكريم.
خامسا: الحياة الزوجية تكاملية بين الزوج والزوجة، فالزوج يكد ويكدح في سبيل كسب لقمة العيش، وهو المكلف بالنفقة على الزوجة، والأولاد، والزوجة تقوم بأعباء البيت. ولكن هذا لا يعني أنها تتكلف ما لا تطيق، بل إن كانت من ذوات القدر، وممن يخدم عادة، أو كانت مريضة، فقد ذكر الفقهاء أنه يجب على الزوج أن يوفر لها خادما، وينبغي أن يعينها بنفسه قدر الإمكان، وانظري الفتوى: 398122، والفتوى: 69191.
سادسا: قرار المرأة في بيتها هو الأصل، وهو الأفضل لها، وهذا لا يعني أنها لا يجوز لها الخروج للعمل وفق الضوابط الشرعية، ومن ذلك إذن الزوج، وأن لا يكون عملها في مكان تختلط فيه بالرجال، وانظري الفتوى: 98474.
سابعا: إذا كنت في حاجة لشيء من العلاج النفسي، فلا يجوز لزوجك، أو أهلك منعك من مراجعة أهل الاختصاص.
ويمكنك الكتابة إلى قسم الاستشارات في موقعنا، فهنالك مستشارون أكفاء في شتى الجوانب الاجتماعية، والنفسية، وغير ذلك.
والله أعلم.