السؤال
اشتريت في إحدى المرات من أحد مواقع الإنترنت، وبعدما اشتريت لم تعجبني القطعة، فقررت إرجاعها، وتمت مكالمتي أنه سيتم تعويضي عن قيمة القطعة المسترجعة، وبإمكاني الاحتفاظ بها كهدية من عندهم، وبعدها قررت أن أشتري مرة ثانية، وبعدها أعمل استرجاع، حيث من الممكن أن يعطوني إياها كهدية، وفعلا حصل ذلك، فهل ما فعلته فيه شيء من الحرام؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الغالب على ظنك حصول ذلك من البائع إذا طلبت الاسترجاع في المرة الثانية، فلا نرى أنه يجوز لك الشراء بنية استرجاع مالك، والاحتفاظ بالقطعة! ونرى أن ذلك من الغش، وأكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا [النساء:29-30]، قال السعدي في تفسيره: ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب، والسرقات، وأخذها بالقمار، والمكاسب الرديئة، بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف؛ لأن هذا من الباطل وليس من الحق. ثم إنه لما حرم أكلها بالباطل، أباح لهم أكلها بالتجارات، والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي، وغيره ... ثم قال: {ومن يفعل ذلك} أي: أكل الأموال بالباطل، وقتل النفوس {عدوانا وظلما} أي: لا جهلا، ونسيانا {فسوف نصليه نارا} أي: عظيمة، كما يفيده التنكير. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن لانتقال الملك شروطا وضوابط، وجعلت الشريعة وسائل الانتقال - كقاعدة عامة في حالة الحياة - في الرضا، والإرادة، بل اشترطت أن يكون الرضا غير مشوب بعيوب الرضا، وعيوب الإرادة، من الغش، والتدليس، والاستغلال، والإكراه، والغلط، ونحو ذلك؛ لقول الله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراض"، وقوله: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا ما أعطاه عن طيب نفس". اهـ.
والله أعلم.