السؤال
أريد أن أسألكم -حفظكم الله- عن حالتي: أتاني الحيض قبل موعده بأربعة أيام، وتحديدا يوم الثلاثاء بعد صلاة العشاء، ولكنه أتاني مثل القطرة شيء قليل جدا لا يذكر، ولكنه كان دما. ومنذ وقتها لم أصل؛ على أساس أن الدورة الشهرية نزلت، ولم ينزل شيء بعد القطرة الصغيرة، وكأنني طاهرة، ولكني قلت: يمكن أنها متجمدة، وأتى اليوم الثاني -يوم الأربعاء- ولا يوجد شيء، ولكن في آخر اليوم رأيت شيئا مثل نقطة دم، ولكنه انقطع أيضا، ولم ينزل شيء، وكأنني طاهرة فعلا، وشككت أنها حيض؛ فذهبت وصليت جميع صلواتي التي لم أصلها من الثلاثاء مع الأربعاء في آخر يوم الأربعاء، وبعد عدة صلوات شعرت بآلام حقا مثل الآلام التي تأتيني في الحيض كل شهر، وقطعت صلاتي، ولم أر شيئا، وكأنني طاهرة حقا، ثم أكملت صلواتي، وشعرت بآلام أكثر، ثم قطعتها مرة أخرى، ورأيت شيئا بنيا مع دم مثل النقطة، والغالب كان البني، وكان قليلا أيضا.
ثم أتى اليوم الثالث صباح يوم الخميس، ورأيت شيئا بنيا، أو أفتح منه، وتوضأت وصليت الفجر، ثم في وقت الضحى تقريبا رأيت شيئا بنيا أيضا، وعندما أتى الظهر رأيت أيضا الشيء البني، وتوضأت وصليت الظهر، وقلت: إنها ليست حيضا؛ لأنها ربما تستمر طويلا، ثم أتى العصر ونزل الحيض فعلا، وكان واضحا كالعادة، واستمر معي 6 أيام مثل كل شهر، فهل صلواتي التي صليتها يومي الأربعاء والخميس واجبة علي أم لا يجوز ذلك؟ وهل أقضي الآن صلاة عصر الخميس؛ لأنها نزلت علي في ذلك الوقت بوضوح، وحسبتها من ذلك اليوم، أم يجب علي قضاء صلاة عشاء يوم الثلاثاء، الوقت الذي بدأ فيه نزول الدم القليل؟ علما أنني قضيتها في يوم الأربعاء مع الصلوات التي جمعتها، وشعرت بعدها بالآلام. أفيدوني -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا رأت المرأة قطرة، أو نقطة، أو نحو ذلك من الدم، ثم أعقب ذلك انقطاع، هل تعتبر هذه القطرة حيضا أم لا؟
فذهب الجمهور إلى أنها لا تعتبر حيضا؛ لأنها أقل من أقل الحيض عندهم، على اختلاف بينهم في تحديد أقل الحيض، وقد صرحوا بأنه متى نقص الدم عن أقل الحيض، فهو دم استحاضة، لا حيض، وانظري الفتوى: 114271.
وذهب المالكية: إلى أن هذه القطرة، ونحوها من الدم، تعد حيضا؛ لأنها تدخل عندهم في أقل الحيض من جهة المقدار، مع اتفاقهم على أنه لا حد لأقل الحيض من جهة الزمان، وقد صرح عدد من المالكية بذلك، قال صاحب الفواكه الدواني: الحيض لا حد لأقل زمنه، وأما باعتبار أكثره، فحده خمسة عشر يوما لمن تمادى بها، وأما اعتبار الخارج، فله حد باعتبار أقله، وهو القطرة. انتهى.
إذا تقرر هذا؛ فاعلمي أن هذه القطرة ونحوها -على رأي جمهور أهل العلم- لا تعد حيضا، وإنما هي دم فساد، فلا تمنع الصلاة، والصيام، ولا توجب الاغتسال، وإنما توجب تنظيف المحل، والوضوء، وانظري الفتوى: 54513.
وكذلك الحال بالنسبة للشيء البني الذي رأيت، فهو المسمى عند الفقهاء بالكدرة، ولا تعد قبل فترة الحيض حيضا، ولا تترك لها الصلاة، ولا الصيام، وقد بينا حكمها في فتاوى عديدة، وانظري الفتوى: 10039.
وإنما يبدأ الحيض من حين نزول الدم وتواصله يوما وليلة.
وبناء عليه؛ فما سألت عنه من صلواتك التي صليتها في يومي الأربعاء والخميس، هل هي واجبة عليك أم لا يجوز لك صلاتها؟
فنقول: إنه تجب عليك صلوات يوم الأربعاء، وصلوات يوم الخميس التي قبل نزول الدورة بشكلها الطبيعي.
وعموما؛ يلزمك قضاء صلوات ما لم تقضي من تلك الأيام التي لم تري فيها إلا هذه القطرات ونحوها، إلى أن نزلت الدورة بشكلها الطبيعي.
وأما بالنسبة لعصر الخميس الذي نزلت عليك الدورة فيه بطبيعتها: فإن كانت نزلت بعد دخول وقت العصر، ولم تكوني قد صليت العصر، فيلزمك قضاؤه بعدما تطهرين، قال الشيخ ابن عثيمين في مجموع فتاويه ورسائله: المرأة إذا حاضت بعد دخول وقت الصلاة، فإنه يجب عليها إذا طهرت أن تقضي تلك الصلاة التي حاضت في وقتها إذا لم تصلها قبل أن يأتيها الحيض؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة".
فإذا أدركت المرأة من وقت الصلاة مقدار ركعة، ثم حاضت قبل أن تصلي، فإنها إذا طهرت لزمها القضاء. انتهى.
وانظري الفتويين: 339055، 178713.
والله أعلم.