0 27

السؤال

هل يكفي لدخول الجنة أداء الفرائض والعبادات مع اعتزال الناس والواقع المحبط قدر الإمكان إذا أنكر المنكر بقلبه؟ أم أن السعي لتمكين الإسلام ونصرته واجب لدخول الجنة؟ نرجو إفادتنا بأقوال العلماء بهذا الصدد مع التعريف بالقدر الواجب منه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:            

 فإن القيام بالواجبات الشرعية, والكف عن المحرمات سبب لدخول الجنة. فقد جاء في صحيح مسلم, وغيره عن جابر بن عبد الله، أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئا، أأدخل الجنة؟ قال: نعم، قال: والله لا أزيد على ذلك شيئا. اهـ 

وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم:  فهذا الحديث يدل على أن من قام بالواجبات، وانتهى عن المحرمات دخل الجنة، وقد تواترت الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا المعنى، أو ما هو قريب منه. كما خرجه النسائي، وابن حبان، والحاكم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء، ثم تلا: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} [النساء: 31]

وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن أعرابيا قال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال: والذي بعثك بالحق، لا أزيد على هذا شيئا أبدا, ولا أنقص منه، فلما ولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا .

وفي الصحيحين عن طلحة بن عبيد الله أن أعرابيا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثائر الرأس فقال: يا رسول الله؛ أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس، إلا أن تطوع شيئا، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الصيام؟ فقال: شهر رمضان, إلا أن تطوع شيئا، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، فقال: والذي أكرمك بالحق، لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:أفلح إن صدق - أو دخل الجنة إن صدق - ولفظه للبخاري. اهـ

لكن فعل المنكرات قد يمنع من دخول الجنة. قال ابن رجب أيضا: فهذه الأعمال أسباب مقتضية لدخول الجنة، وقد يكون ارتكاب المحرمات مانعا، ويدل على هذا ما خرجه الإمام أحمد من حديث عمرو بن مرة الجهني، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الخمس، وأديت زكاة مالي، وصمت شهر رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعق والديه.

وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن ارتكاب بعض الكبائر يمنع دخول الجنة، كقوله: لا يدخل الجنة قاطع وقوله: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ، وقوله: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا والأحاديث التي جاءت في منع دخول الجنة بالدين حتى يقضى، وفي الصحيح: أن المؤمنين إذا جازوا الصراط، حبسوا على قنطرة يقتص منهم مظالم كانت بينهم في الدنيا. اهـ

 أما نصرة الإسلام, والدعوة إليه فهي من الواجبات على كل مسلم بقدر استطاعته؛ لما في حديث البخاري وغيره: بلغوا عني ولو آية. وراجع التفصيل في الفتوى: 29987.

وإنكار المنكر بالقلب لا يكفي إلا بعد العجز عن تغييره باليد, واللسان. وانظر مراتب تغيير المنكر في الفتوى: 124424

أما عن العزلة؛ فإنها قد تكون أفضل في بعض الحالات, والأصل أن الاختلاط بالناس أفضل. وقد ذكرنا ضوابط العزلة في الفتوى: 407275.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة