السؤال
أخو زوجي يريد أن يأخذ نصيب إخوته كلهم من ميراث أبيهم، ويدفعه للهجرة إلى أمريكا، عن طريق شركة ستأخذ مبلغا ما مقابل أن تمنحه أرضا، أو مشروعا هناك، ويقول: إنه سيرد لهم المبلغ بعد أن يستقر ويعمل، لكن هذا غير مضمون؛ نظرا لكبر سنه، وعدم وضوح تفاصيل المشروع، وهناك احتمال كبير أن يذهب المبلغ كله هباء، ولنا أولاد كبار يدرسون، ومنهم من هو على وشك الزواج، وأشعر أن هذا الأخ يغبن إخوته في مالهم، كما أنه لن يكتب أية أوراق لإخوته بنصيبهم الذي سيأخذه.
وإذا اشترى مشروعا في أمريكا، فسيشتريه باسمه هو وحده، أي أنه ليست هناك أية ضمانات للرد، وزوجي يتأرجح بين الرفض والموافقة، فهو يحب أخاه، لكنه يشعر أنه يظلمه، وتبقى الإشارة إلى أن زوجي لا يمتلك أية أوراق تثبت حقه في ميراثه، وطلبها مرة ولم يعطها له أخوه الأكبر، فما التصرف السليم؟ وهل هذا الأخ ظالم بفعله هذا؟ وإذا رفض زوجي مساعدته، فهل يكون قد أفسد صلة الرحم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا أخذ الأخ الأكبر نصيب غيره من الميراث دون رضاه، فهذا -بلا ريب- من الظلم.
ومنع هذا الأخ عن أخيه الأصغر الأوراق التي تثبت حقه في الميراث بعد أن طلبها منه، يعد من الظلم، ومطل الحقوق، إذا كان ذلك يحول بين الحق وصاحبه، ولا سيما إذا توفي أحدهما، أو فسدت ذمته وأراد أكل مال أخيه بالباطل.
فينبغي أن تتاح هذه الأوراق لكل ذوي الحق، أو يوثق مضمونها بطريقة تضمن لكل ذي حق حقه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. متفق عليه.
قال الخطابي في معالم السنن: هذا في الوصية التي هو متبرع بها من نحو صدقة، وبر، وصلة، دون الديون، والمظالم التي يلزمه الخروج عنها، فإن من عليه دينا، أو قبله تبعة لأحد من الناس، فالواجب عليه أن يوصي فيه، وأن يتقدم إلى أوليائه فيه؛ لأن أداء الأمانة فرض واجب عليه. اهـ.
وأما رفض الأخ الأصغر أن يعطي أخاه نصيب نفسه من الميراث، فليس من الظلم؛ فكل امرئ أولى بحقه.
ومطالبة المرء بحقه، ليست من الإساءة في شيء.
وإذا ترتب على مثل هذه المطالبة أن يهجر المطلوب منه أخاه، ويقطع رحمه، فإثم ذلك عليه هو، لا على المطالب بحقه.
وإن كان أولاد الأخ الأصغر يحتاجون إلى هذا المال، فهم أولى بمعروف والدهم من عمهم، وخاصة إذا كان عمهم ميسور الحال، أو يجد ما يكفيه.
والله أعلم.