السؤال
أستغفر الله وأتوب إليه، وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأسأل الله أن يغفر لي، ويرحمني، ويسهل علي، ويفرج همي وغمي وكربتي.
أنا متزوجة منذ سنتين ونصف، ظل زوجي معي بعد الزواج ثلاثة أسابيع، وذهب للغربة للعمل، وهو ابن خالتي، وكان لا يتواصل معي إلا عندما يرسل المال.
أدرس في مدرسة مختلطة، فكان ما كان من وسوسة الشيطان، فأحببت رجلا متزوجا، وأحبني، وعملنا كل شيء، وزوجي في الغربة، وتواعدنا بعد أن يأتي زوجي أن أتطلق منه، ونتزوج، وظللت أكتب لزوجي أن يأتي من الغربة؛ لكي أتطلق منه، ونتزوج، ونستتر بالحلال.
أتى زوجي بعد سنتين من الغربة، فعندما وصل كان على طبعه وبروده كأني لم أكن، فصارحته، وقلت له: إني لا أريده، فقال لي: اذهبي لأهلك، وقولي لهم ذلك، فذهبت لأهلي، وأخبرتهم أني لا أريده، وأنه وصل من غربته، ولم يبادلني شيئا من الحب، وهو ما كان منه، فأتى إلى أهلي واعتذر، وقال: إنه مخطئ، وأرجعني أهلي، مع أني أقول لهم: لا أريده، فزوجي بارد في المشاعر، وكل شيء في الواقع، فلم يكلمني خلال خمسة أشهر إلا مرتين، وأقول له: أنا مريضة، أو أي عذر، والأمر عادي عنده.
أنا الآن أكرهه كرها عظيما، ولا أطيقه أبدا، ولا أطيق سماع صوته، وأنا أوضح له ذلك، فلا أسمر معه وأنام، ولا آكل، ولا أشرب معه، وقلت له مرتين: إني لا أريده، فلم يستجب، ولا أستطيع أن أجعله يمسني أبدا ونهائيا، ولا أريده، وأريد أن أتطلق منه وأتزوج ممن عملت معه كل شيء، فأنا أحبه جدا، ولا أستطيع أن أعيش أو أتقبل غيره، وأنا متأكدة 100% أنه سيتزوجني بعد طلاقي، فما الحل لكي أتطلق من زوجي؟ وهل أصارحه؟ ولكني أخاف أن يكلم أهلي، وقد أوقفنا -أنا والرجل الذي أحببته- العلاقة منذ شهر، وهو في البلاد، ونحن نصلي وندعو ونستغفر الله، وأخاف أن نعود لها وللحرام، ونريد أن نتزوج بالحلال، وأريد أن أتطلق، فما الحل؟ وكيف أعمل؟ أفيدوني -جزاكم الله خيرا-، ورحمة الله أكبر مما عملنا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل توبة نصوحا، فإنك بهذه العلاقة الآثمة قد جمعت بين التفريط في حق الله عز وجل، وخيانة زوجك، والتقصير في حقه، ولمعرفة شروط التوبة، راجعي الفتوى: 29785.
ولا يجوز لك أن تخبري بما فعلت أحدا، بل استري على نفسك، عسى الله أن يستر عليك في الدنيا والآخرة، وانظري الفتوى: 60751.
وإذا كان زوجك قد قصر في حقك -وهو بما ذكرت عنه مقصر-، فلا يبيح لك ذلك أن تفعلي ما فعلت، بل كان الواجب عليك العفاف، وحفظ نفسك، وحفظ زوجك حال غيبته، قال تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله {النساء:34}، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: قانتات، يعني: مطيعات لأزواجهن. حافظات للغيب. قال السدي، وغيره: أي: تحفظ زوجها في غيبته في نفسها، وماله.
وهذا الرجل بهذه العلاقة معك، وممارسته الفاحشة قد جمع بين الفساد، والإفساد، فإنه مخبب لك، ولسوء هذا الفعل تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من المخبب، روى أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. ولخطورة هذا التصرف ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحرم زواج المخبب بمن خبب بها، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 7895.
ولا تنخدعي بالقول المعسول، والكلام المنمق الذي يكون من العشيق، فسرعان ما يظهر المستور بعد الغطاء، وينكشف المستور، ويكون الجفاء، وسوء الخلق والطبع بعد الزواج، فما يدريك، فقد تتزوجينه، وتجدين منه أسوأ مما وجدت من زوجك، ومن خان زوجك فيك، لا يبعد أن يخونك، فاتقي الله، واصبري.
ونوصيك بالجلوس مع زوجك، وتنبيهه إلى أخطائه في تعامله معك، وحاجتك -كأي زوجة- لإشباع الغريزة العاطفية، وأن ذلك من أسباب المحافظة على الحياة الزوجية.
ولا يجوز له أن يغيب عنك أكثر من ستة أشهر، إلا بإذنك، كما هو مبين في الفتوى: 10254.
وإن اقتضى الأمر أن يجلس معكما العقلاء من أهلك وأهله، فافعلي.
وننبه إلى أن العمل في الأماكن التي يكون فيها اختلاط محرم بين الرجال والنساء، سبب لكثير من الشرور.
فإن وجد هذا النوع من الاختلاط، فالواجب ترك هذا العمل، وعدم الاستمرار فيه، إلا لضرورة، مع أمن الفتنة، وانظري الفتوى: 3859.
والله أعلم.