السؤال
حدث خلاف بيني وبين زوجتي، وقد قلت لها أنت طالق، وأنت علي كظهر أمي، وحرام علي مثل أمي وأختي إذا لم تسافري غدا، ولكنني تراجعت عن سفرها. ويشهد الله أني قد كنت في حالة غضب شديد عند قول ذلك، وكانت نيتي الزجر والتهديد. فما حكم ذلك؟
حدث خلاف بيني وبين زوجتي، وقد قلت لها أنت طالق، وأنت علي كظهر أمي، وحرام علي مثل أمي وأختي إذا لم تسافري غدا، ولكنني تراجعت عن سفرها. ويشهد الله أني قد كنت في حالة غضب شديد عند قول ذلك، وكانت نيتي الزجر والتهديد. فما حكم ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الغضب الشديد لا ترتفع معه أهلية التكليف؛ إلا إذا كان صاحبه لا يعي ما يقول، هذا ما نرجحه، وهو قول الجمهور، وعليه الفتوى عندنا.
ومن الفقهاء من ذهب إلى عدم وقوع طلاق الغضبان إذا اشتد غضبه، ولو لم يزل عقله بالكلية. جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي: وقال الشيخ تقي الدين أيضا: إن غيره الغضب ولم يزل عقله، لم يقع الطلاق؛ لأنه ألجأه وحمله عليه، فأوقعه وهو يكرهه، ليستريح منه، فلم يبق له قصد صحيح، فهو كالمكره. اهـ. وهو قول قوي له اعتباره.
ثانيا: الطلاق المعلق يقع بحصول المعلق عليه عند الجمهور، سواء قصدت الطلاق أم مجرد الزجر والتهديد. واختار ابن تيمية وآخرون أن الزوج إن قصد مجرد التهديد، ولم يقصد الطلاق، لم يقع طلاقه، وتلزمه كفارة يمين. وقول الجهور هو الذي نفتي به. وراجع الفتوى: 19162.
ثالثا: هنالك خلاف بين الفقهاء في حكم التراجع عن الطلاق المعلق، والجمهور على أنه لا يمكن التراجع عنه، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية القول بجواز التراجع عنه، وسبق أن بينا ذلك بالفتوى: 145759. وقول الجمهور هو الراجح عندنا.
رابعا: الظهار المعلق يلزم بالحنث فيه كفارة الظهار. ولمزيد التفصيل انظر الفتوى: 96970.
وأما التراجع عن الظهار فقد بينا أنه جاء عن ابن تيمية ما يفهم منه عدم صحته. ويمكن الاطلاع على الفتوى: 191475.
ويتبين من هذا أن في المسائل المتعلقة بسؤالك كثيرا من الخلاف بين الفقهاء، ولذلك نرى أن تراجع المحكمة الشرعية، فحكم القاضي رافع للخلاف في مسائل الاجتهاد.
جاء في الفروق للقرافي: اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم... اهـ.
وننبه إلى الحذر - قدر الإمكان - من الخلافات في الحياة الزوجية، وإذا وقعت فليكن حلها بالتعقل والحكمة مع اجتناب الغضب، والحرص على علاجه بالوسائل الشرعية، وهي مبينة في الفتوى: 8038.
والله أعلم.