السؤال
هل كان إبراهيم الخليل عبرانيا؟ إذا لم يكن كذلك، فماذا كان؟ وإذا كان عبرانيا، فهل العبرانيون هم اليهود؟ وماذا يكون إسماعيل عندئذ؟ وشكرا.
هل كان إبراهيم الخليل عبرانيا؟ إذا لم يكن كذلك، فماذا كان؟ وإذا كان عبرانيا، فهل العبرانيون هم اليهود؟ وماذا يكون إسماعيل عندئذ؟ وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمشهور أن إبراهيم الخليل -عليه السلام- كان يتكلم السريانية، ثم تكلم العبرانية، روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن هشام ابن الكلبي قال: خرج إبراهيم من حران يؤم أرض بني كنعان، حتى عبر الفرات إلى الشام، فانحرف لسانه عن السريانية إلى العبرانية، وإنما سميت العبرانية؛ لأنه تكلم بها حين عبر الفرات. اهـ.
وروى الطبري في تاريخه عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: لما هرب إبراهيم من كوثى، وخرج من النار ولسانه يومئذ سرياني، فلما عبر الفرات من حران، غير الله لسانه، فقيل: عبراني، أي: حيث عبر الفرات. وبعث نمرود في أثره، وقال: لا تدعوا أحدا يتكلم بالسريانية، إلا جئتموني به، فلقوا إبراهيم، فتكلم بالعبرانية، فتركوه، ولم يعرفوا لغته. اهـ.
ونقل ذلك ياقوت الحموي في معجم البلدان عن ابن الكلبي، ونقل عنه قولا آخر فيه: لما أمر إبراهيم بالهجرة، قال: {إني مهاجر إلى ربي}، أنطقه بلسان لم يكن قبله، وسمي العبراني من أجل أنه عبر إلى طاعة الله، فكان إبراهيم عبرانيا. قال هشام: وحدثني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: أول من تكلم بالعبرانية موسى -عليه السلام- وبنو إسرائيل حين عبروا البحر، وأغرق الله فرعون، تكلموا بالعبرانية، فسموا العبرانيين؛ لعبورهم البحر. وقيل: إن بختنصر لما سبى بني إسرائيل، وعبر بهم الفرات، قيل لبني إسرائيل: العبرانيون، ولسانهم العبرانية. اهـ. وانظر الفتوى: 101747.
وإن أردت تفصيلا أوسع لذلك، فراجع (عمدة القاري شرح صحيح البخاري) للعيني، عند شرحه لوصف ورقة بن نوفل: كان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية"، حيث بدأ كلامه بقوله: لم أر شارحا من شراح البخاري حقق هذا الموضع بما يشفي الصدور، فنقول -بعون الله وتوفيقه- ... وتناول في هذا الموضع لغة التوراة، والإنجيل، ولغة آدم، وإبراهيم، وإسماعيل، وغيرهم من الأنبياء. ومما ذكره أن إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- تعلم لغة العرب من قبيلة جرهم، حين تزوج امرأة منهم؛ ولهذا يعدونه من العرب المستعربة، لا العاربة. اهـ.
والعبرانية وإن كانت لغة اليهود ولغة التوراة، ولكن ليس معنى أن الخليل تكلم بالعبرانية أنه كان يهوديا، بل انتقلت لغته إلى بنيه، ومنهم بنو إسرائيل، وإلا فلا يخفى أن نزول التوراة وإرسال موسى كان بعد الخليل بمدة؛ ولذلك قال تعالى: يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون. ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين [آل عمران:65-67].
والله أعلم.