السؤال
إخواني أود أن اطرح عليكم سؤالا دائما يمر في بالي، وهو: عندما أسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم -الإسراء والمعراج- اصطحب جبريل عليه السلام حبيبنا إلى السماء، فوقف جبريل ولم يكمل، حتى سأله النبي صلى الله عليه وسلم: لماذا توقف؟ ثم قال سيدنا جبريل: لكل منا مقام معلوم يا رسول الله، إذا أنت تقدمت اخترقت، وإذا أنا تقدمت احترقت، وصار سيدنا جبريل كالحلس البالي من خشية الله، فتقدم سيدنا محمد إلى سدرة المنتهى واقترب منها، حتى سمع صرير الأقلام.
السؤال الذي حيرني هو: سبحان الله، كيف جبريل سيد الملائكة لم يكمل مع النبي حتى سمع ما سمع، وفي سوره الحجر قال تعالى: وحفظناها من كل شيطان رجيم (17) إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين.
جبريل أعلى من الشياطين مكانة، ولم يسمع شيئا، والشياطين تسترق السمع؟
أرجو إراحتي بالإجابة، أثابكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علاقة ولا تعارض بين تمكن الشياطين من استراق السمع، وبين ما روي أن جبريل عليه السلام لم يتجاوز سدرة المنتهى في السماء السابعة؛ لأن الشياطين إنما تسترق السمع مما تتكلم به الملائكة في السماء الدنيا، بل ما في السحاب، كما بيناه في الفتوى: 241510.
ثم إن أحاديث الإسراء والمعراج مشهورة معلومة بأسانيدها، وليس في شيء منها- حسب ما اطلعنا عليه- التصريح بما ذكرته عن جبريل، وإنما ورد في بعض آثار -لم نقف على سند لها- ما يفيد أن جبريل فارق النبي صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى.
ومن ذلك ما نقله النووي عن القاضي عياض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فارقني جبريل وانقطعت عني الأصوات.
ومنها كذلك ما حكاه ابن عاشور في تفسيره عن مقاتل في قوله تعالى: وما منا إلا له مقام معلوم [الصافات:164].
ونوصيك بطلب العلم الشرعي حتى تكون على بصيرة من دينك.
والله أعلم.