السؤال
تشاجرت مع زوجي، وغضب غضبا شديدا، وعندما حاول الخروج من البيت ليهدأ، أقفلت باب البيت، ووقفت أمام الباب، ولم أسمح له بالخروج، وقلت له لن تخرج إلا إذا طلقتني، وكان يصرخ ويقول: أريد أن أخرج حتى أهدأ، ابتعدي، وأنا كنت أرفض وأصرخ وأكرر: طلقني، وتخرج، وكان يحاول يدفعني ويبعدني، ولكني كنت ملتصقة بالباب، ولم أسمح له، واستمرت الحال أكثر من ربع ساعه على هذا. هو يصرخ يريد الخروج، وأنا أصرخ أريد أن يطلقني.
بعد النزاع الطويل، قال لي: أنت طالق، وبعدها أعطيته المفتاح وخرج. هل يحسب طلاقا؟
مع العلم أنه قبل فترة تشاجرنا، وطلبت منه الطلاق، وقلت له كثيرا إذا كنت رجلا طلقني، وقال لي: أنت طالق.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الغالب أن الطلاق لا يوقعه الزوج إلا في حالة غضب، فالغضب لا يمنع وقوع الطلاق، إلا إذا كان صاحبه لا يعي ما يقول، قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: ويقع الطلاق ممن غضب، ولم يزل عقله بالكلية؛ لأنه مكلف في حال غضبه بما يصدر منه من كفر، وقتل نفس، وأخذ مال بغير حق، وطلاق، وغير ذلك. اهـ.
فالطلقة الأولى واقعة، ولا يمنع من وقوعها ما كان منك من ضغط على زوجك ليوقع الطلاق، ولمعرفة ضابط الإكراه الذي يمنع من وقوع الطلاق، انظري الفتوى: 54230.
والطلقة الثانية واقعة أيضا، وهي بلفظ صريح، ولا يوجد ما يمنع من وقوعها.
فهما إذن طلقتان.
فعليكما الحذر من التهاون في الأمر؛ لأن الطلقة الثالثة تحصل بها البينونة الكبرى، فتحرمين على زوجك؛ حتى تنكحي زوجا غيره، وقد تتشتت بسبب ذلك الأسرة، ويضيع الأولاد.
وينبغي أيضا الحذر من الغضب؛ فإنه باب عظيم من أبواب الشيطان، وسبيل للشر؛ ولذلك حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه -كما في الحديث الذي رواه البخاري- وعلق عليه الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم بقوله: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير. اهـ. ولمعرفة كيفية علاجه، راجعي الفتوى: 8038.
وننبهك أنت خاصة إلى خطأ ما قمت به من رفض خروج زوجك من البيت، والصراخ في وجهه، ففي هذا نوع من النشوز، تجب عليك التوبة منه، وراجعي الفتوى: 161663، ففيها بيان تعريف النشوز، والفتوى: 5450، ففيها بيان شروط التوبة.
والمرأة منهية عن طلب الطلاق من زوجها، إلا أن يكون لها في ذلك مسوغ شرعي، ولمعرفة مسوغات طلب الطلاق، يمكنك مطالعة الفتوى: 37112.
والله أعلم.