السؤال
أنا شاب أعمل طبيبا، ولدي دخل مادي شهري جيد -والحمد لله-، ولدي مال مدخر بالغ النصاب، ولدي جهتان أتصدق عليهما، وأساعدهما ببعض المال بين فترة وأخرى، لكني لست أنفق عليهما شهريا:
الجهة الأولى: جدي -والد أمي-، فهو رجل سبعيني فقير، يعيش مع زوجته، ولديه ثلاثة أولاد متزوجون، وهم أخوالي، وهم أيضا ذوو دخل محدود، وينفقون عليه من حين لآخر.
الجهة الثانية: جدتي -والدة أبي-، فهي تعيش في منزل مع ابن عمي، وهو طفل يتيم الأب، عمره 6 سنوات، وأمه أرملة، ويعيشون في منزل معا، وأمه تعمل، علما أن ابن عمي اليتيم ورث من أبيه بعض الأراضي التي لا تتم زراعتها، وليس لها محصول، فهل يجوز لي أن أخرج مال الزكاة على هاتين الجهتين اللتين قمت بذكرهما؟ أم إن في ذلك شبهة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم تذكر لنا -أخي السائل- هل أنت المنفق الوحيد على جدك وجدتك أم إن هناك من أقاربهما من ينفق عليهما ممن تجب نفقتهما عليه.
والذي يمكننا قوله باختصار على سبيل العموم: إنه لا يصح أن يدفع المزكي زكاته إلى من تجب عليه نفقتهم، والجد والجدة ممن تجب نفقتهم على الحفيد ما داموا فقراء، قال ابن قدامة في المغني: ويجب الإنفاق على الأجداد، والجدات، وإن علوا، وولد الولد، وإن سفلوا، وبذلك قال الشافعي، والثوري، وأصحاب الرأي. وقال مالك: لا تجب النفقة عليهم، ولا لهم؛ لأن الجد ليس بأب حقيقي. ولنا، قوله سبحانه: {وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة:233]، ولأنه يدخل في مطلق اسم الولد والوالد، بدليل أن الله تعالى قال: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء:11]، فيدخل فيهم ولد البنين، وقال تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد}، وقال: {ملة أبيكم إبراهيم} [الحج:78]، ولأن بينهما قرابة، توجب العتق، ورد الشهادة، فأشبه الولد والوالد القريبين. اهــ.
والنفقة على الجد -والد الأم- الفقير تجب على حفيده القادر، وإن لم يكن وارثا له؛ لأن النفقة تجب للأصول، ولو من ذوي الأرحام، كما قال صحاب الروض: (حتى ذوي الأرحام منهم) أي: من آبائه وأمهاته، كأجداده المدلين بإناث، وجداته الساقطات، ومن أولاده، كولد البنت سواء (حجبه) أي: الغني (معسر) فمن له أب وجد معسران، وجبت عليه نفقتهما، ولو كان محجوبا من الجد بأبيه المعسر (أو لا) بأن لم يحجبه أحد، كمن له جد معسر، ولا أب له، فعليه نفقة جده؛ لأنه وارثه. اهـ.
وتجب نفقة الجد والجدة بشرطين، نلخصها مما ذكره الفقهاء:
أحدها: أن يكون المنفق عليهم فقراء لا مال لهم، ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم.
الثاني: أن تكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم) منه (فاضلا عن نفقة نفسه) وزوجته.
فإن توافرت هذه الشروط، فإنه لا يجزئ أن يدفع الحفيد لجده وجدته زكاة ماله.
والله أعلم.