عدم كظم الغيظ عند الأمّ ومجادلتها وترك مساعدتها

0 22

السؤال

شكرا لكم على هذا الموقع، وعلى كل مجهوداتكم.
أنا لا أتقن كظم الغيظ، فعندما أذهب إلى أهلي وأرى التمييز في تعاملهم بيني وبين إخوتي؛ أعاتب أمي وأجادلها، وأقول لها: تحبون الذكور أكثر مني، وتعطونهم بيتا أحسن مني، وغير ذلك، فما حكم عدم كظم الغيظ، ومجادلة الأم؟
وعندما أزور أمي في عطلة نهاية الأسبوع، لا أساعدها في أعمال البيت؛ لأني أكون متعبة من أبنائي، فأترك أختي تقوم بأعمال البيت فقط، فإذا لم أذهب وأخدم أمي كل أسبوع، وهي ليست مريضة، فهل هذا عقوق؟ وهل لا بد من زيارة الأهل كل شهر أم يكفي السؤال بالهاتف، أم إن ذلك من العقوق؟
السؤال الثالث: أغار أو أحسد عندما أرى شيئا عند إخوتي أفضل مما عندي، وكذلك أغتاب كثيرا، فكيف أكفر عن غيبتي؟ وهل يمكن أن يغفر الله لي هذه الغيبة الكثيرة، فقد أصبحت أخاف من عذاب القبر بسبب الغيبة؟ وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

  فمقام الوالدين عظيم، فقد قرن الله تعالى حقهما بحقه، فقال: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا{الإسراء:23}، وأوصى بهما خيرا، وأكد ذلك في حق الأم، فقال سبحانه: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير {لقمان:14}.

قال ابن حجر في فتح الباري: وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين، فسوى بينهما في الوصاية، وخص الأم بالأمور الثلاثة. اهـ.

  وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.

قال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري: وحديث أبي هريرة، يدل على أن لها ثلاثة أرباع البر. اهـ.

 فإذا كانت الأم بهذا المقام عند رب العالمين سبحانه وتعالى، فإن لم تكظمي غيظك عندها، وتقومين بما تقومين به من مجادلتها، فهذا معناه الوقوع في العقوق، وهو يحصل باليسير من الأذى، فقد قال تعالى: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {الإسراء:23}، فيجب عليك كظم الغيظ عند أمك، وترك مجادلتها.

  ويجب على أمك العدل بينكم في الهبة، هذا ما نرجحه من أقوال الفقهاء، وهذا ما بيناه في الفتوى: 6242.

وقد ذكرنا فيها أيضا الخلاف في صفة التسوية، وأن من العلماء من ذهب إلى التسوية بين الذكر والأنثى في ذلك، وأن منهم من رأى أن الذكر يعطى مثل الأنثيين.

  فلو قدر أن حصل تقصير من الأم، فتنصح في ذلك، وينكر عليها، ولكن في حدود الأدب الشرعي، فقد سبق وأن بينا أن الإنكار على الوالدين ليس كالإنكار على غيرهما، فراجعي الفتوى: 139535.

 ومساعدة الأم من البر، فينبغي لك الحرص عليها، وفعلها ما أمكنك، ولو لم تكن أمك في حاجة للمساعدة.

وإذا احتاجت، فالواجب مساعدتها، جاء في الموسوعة الفقهية: أما خدمة الولد لوالده، فجائز بلا خلاف، بل إن ذلك من البر المأمور به شرعا، ويكون واجبا على الولد خدمة، أو إخدام والده عند الحاجة. اهـ.

 ولا تقدر زيارة الأهل بفترة معينة، بل يجب عليك زيارتهم بالقدر الذي تتحقق به الصلة عرفا، وتنتفي به القطيعة، قال الشيخ ابن عثيمين، وهو يتحدث عن صلة الأقارب: وصلتهم بما جرى به العرف، واتبعه ‏الناس؛ لأنه لم يبين في الكتاب، ولا السنة نوعها، ولا جنسها، ولا مقدارها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيده ‏بشيء معين، بل أطلق؛ ولذلك يرجع فيها للعرف، فما جرى به العرف أنه صلة، فهو الصلة، وما تعارف عليه الناس ‏أنه قطيعة، فهو قطيعة.... اهـ.

والأقارب ليسوا على درجة واحدة في الوسيلة التي تتحقق بها صلتهم.

وبخصوص الغيرة والحسد، فراجعي الفتوى: 306046، وإحالاتها، وبخصوص الغيبة، راجعي الفتوى: 6710.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة