السؤال
هل تجوز صلاة الناس جماعة متفرقين عن بعضهم. بمعنى أنه توجد مسافة بين الشخص والآخر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى: 399616 استحباب إقامة صفوف الصلاة وتسويتها، وأن من تسويتها التراص فيها وسد الخلل، وعدم الفرج بين المصلين.
فإن خالف المصلون وصلوا مع وجود مسافة بينهم، لم تبطل صلاتهم؛ لأن تسوية الصف سنة مستحبة في قول جمهور أهل العلم.
قال الحافظ العراقي في طرح التثريب: وهذا مذهب جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو قول الأئمة الأربعة.
وذهب ابن حزم الظاهري إلى وجوبه، فقال: وفرض على المأمومين تعديل الصفوف الأول، والتراص فيها والمحاذاة بالمناكب والأرجل. اهــ.
وابن حزم عد عدم تسوية الصفوف من الكبائر؛ لما جاء فيها من الوعيد الشديد.
ومثله ابن حجر الهيتمي، حيث قال في الزواجر: الكبيرة السابعة والثمانون، والكبيرة الثامنة والثمانون: قطع الصف وعدم تسويته. اهــ.
وممن اختار الوجوب الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- فقد قال في شرح الزاد: القول الراجح في هذه المسألة: وجوب تسوية الصف، وأن الجماعة إذا لم يسووا الصف فهم آثمون، وهذا هو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لكن إذا خالفوا فلم يسووا الصف. فهل تبطل صلاتهم؛ لأنهم تركوا أمرا واجبا؟
الجواب: فيه احتمال، قد يقال: إنها تبطل؛ لأنهم تركوا الواجب. ولكن احتمال عدم البطلان مع الإثم أقوى؛ لأن التسوية واجبة للصلاة لا واجبة فيها، يعني أنها خارج عن هيئتها، والواجب للصلاة يأثم الإنسان بتركه، ولا تبطل الصلاة به، كالأذان مثلا، فإنه واجب للصلاة، ولا تبطل الصلاة بتركه.. اهــ.
فينبغي للمصلين أن يحرصوا على تسوية الصفوف ولا يتساهلوا فيها ولا يتركوا فرجا بينهم.