قراءة وحكاية أحوال الحضارات الوثنية

0 14

السؤال

أتمنى قراءة سؤالي من أوله إلى آخره، فهو فريد، وليس كمثله، فأتمنى عدم إرسال روابط لأجوبة أخرى:
سؤالي هو عن مسألة القصص الشركية المتضمنة للآلهة وسوى ذلك، مثل قصص اليونانيين، والرومانيين، وغيرها من الحضارات، فهذه القصص تنشر بين المسلمين، وتروج بينهم، وتترجم، فهل يقال بكفر القارئ المستمتع بهذه القصص؟ فهو يستمتع بشخصيات الآلهة، مثل إله الرعد، ويستمتع بأفعاله. ظاهر كلام الموقع هو؛ أنه لا يكفر؛ لأن مفهوم الرضا بالكفر هو إقراره، والقول بصدقه، ولا أعلم مستندكم على قول ذلك، كالفتوى رقم: (138223).
ولكن أليست هذه الرموز الكفرية عبارة عن اعتداء على الله عز وجل؟ فالضاحك على نكت تطلق على النبي كافر، ولو كان منكرا لذلك؛ لأن ذلك اعتداء على النبي، أفليس هذا اعتداء على الله، فعلى هذا يترتب كفر المطلع على هذه القصص؟ وهل يمكن أن يقال؛ إن التسلية بهذه الرموز الكفرية، والضحك عليها مثلا، وإنكارها، يعد من امتهانها، فلا يعد هذا اعتداء على الله عز وجل؟ أتمنى منكم شرح ذلك بالتفصيل. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يستوي قول الكفر مع سماعه في الحكم، إلا إذا كان المستمع مقرا، أو راضيا به.

وتقرير ذلك يشكل عليه فهم بعض الناس للمثلية المذكورة في قوله تعالى: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم [النساء:140]، فكان بيان المراد بهذه المثلية هو معتمدنا في الفتوى التي ذكرها السائل، وتجد فيها الإحالة على الفتويين: 131228، 125259 لبيان معنى الآية من كلام الإمام الطبري، والطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير.

ثم لا يخفى أن نفي الكفر لا يعني نفي الإثم؛ ولذلك تجد فيها أيضا الإحالة على الفتوى: 135734 لبيان أن مشاهدة هذه الأشياء لمجرد التسلي مع اعتقاد بطلانها، لا ينفع صاحبه في رفع الإثم، ولكنه ينفعه في رفع الكفر، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى: 130930.

وهنا ننبه على أن قراءة وحكاية أحوال الحضارات الوثنية، ونحوها، إن كان له مقصد شرعي، فإن الأمر لا يقتصر على رفع الإثم فقط، بل يكون ذلك من جملة المشروع، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة: أنهم كانوا يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون، ويتبسم النبي صلى الله عليه وسلم.

قال القاضي عياض في إكمال المعلم: فيه جواز الخبر والحديث عن أخبار الجاهلية وغيرها من الأمم، وجواز الضحك. اهـ. وقال في موضع آخر: دليل على جواز التحدث بأخبار الزمان، وأمور الأمم. اهـ. وتبعه على ذلك طائفة من الشراح، كالنووي، والطيبي في شرح المشكاة.

وقال القاري في مرقاة المفاتيح: (فيأخذون في أمر الجاهلية) أي: على سبيل المذمة، أو بطريق الحكاية؛ لما فيها من فائدة، وغيره، من جملته أنه قال واحد: ما نفع أحدا صنمه مثلما نفعني. قالوا: كيف هذا؟ قال: صنعته من الحيس، فجاء القحط، فكنت آكله يوما فيوما. وقال آخر: رأيت ثعلبين جاءا وصعدا فوق رأس صنم لي، وبالا عليه، فقلت: أرب يبول الثعلبان برأسه .. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة