المنتحر متوعد بأشد الوعيد

0 24

السؤال

أنا شاب في الثلاثين عمري، وحتى الآن لم أفعل أي شيء في حياتي، وأعمل في مطبعة منذ الصغر، والراتب القادم لا يقضي شيئا غير إيجار الشقة، ومراعاة أمي المريضة، وقد ضاقت بي الأحوال بعد أن أغلقت الشركة التي كنت أعمل بها، وبحثت كثيرا عن عمل، ولكن الراتب قليل جدا، ولا يجدي شيئا، وتكاثرت علي الديون يوما بعد يوم، وأصبحت في ورطة، وتوفيت أمي في شهر عشرة الفائت، ولا أملك أي شيء حتى أبيعه، وأسدد ديونها وديوني.
وكل ما أفكر به في هذا الوقت هو الانتحار، ولا شيء غيره، فقد يئست من دفع الديون، ويئست من أن أتزوج، ويئست من كل شيء، وأتمنى أن أقابل الله عز وجل، فهو أحن علي من أي شخص في هذه الدنيا، فهل الانتحار كفر أم كبيرة من الكبائر؟ وهل سيحاسبني الله بعد انتحاري، رغم كل هذه الظروف؟ أرجو الرد قبل فوات الأوان.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فحذار حذار من هذه الأفكار الشيطانية؛ فإنها من سوء الظن بالله تعالى، وكيف تقول: إنك تريد لقاء الله، وأنت لا تحسن الظن به، ولا تثق في تدبيره لك!؟

فاصبر -أيها الأخ الكريم- على ما نزل بك من الفقر والفاقة.

واعلم أن الخيار من عباد الله تعالى قد طويت عنهم الدنيا، ولم يستمتعوا فيها بقليل ولا كثير، ولعل الله أراد بك خيرا حيث تصبر على الفقر، فتؤجر وتثاب.

ثم إن فضل الله واسع، فسل الله من فضله، وهو قادر على أن يفتح عليك أبواب الرزق الواسعة من حيث لا تحتسب، فاتقه، وأقبل عليه، واعمل بطاعته، وفوض أمر الرزق إليه، ولا تقلق من الغد، قال الله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق:2-3}.

فاصبر، وفوض أمرك لله، وتوكل عليه، وأحسن ظنك به، وسله من فضله العظيم، وأخرج هذه الأفكار من رأسك؛ فإنك لا تقوى على عذاب الله تعالى.

وعذاب الدنيا وشقاؤها أهون ألف ألف مرة مما ينتظر العصاة في الآخرة.

والانتحار وإن كان كبيرة، وليس كفرا، لكن المنتحر متوعد بأشد الوعيد، ولا طاقة لأحد بسخط الله وغضبه، ولا قوة لأحد على احتمال عذابه سبحانه -هداك الله، ورفع عنك الضر، وكشف عنك البلاء والفقر-. وراجع الفتوى: 10397، وهي بعنوان: الانتحار ليس علاجا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة