الفرق بين القدر والنصيب

0 23

السؤال

أنا محتاجة أعرف الفرق بين القدر والنصيب، ونتائج سوء تصرف الإنسان، فلو أهملت في سرعة ارتداء النظارة، ونتج عن ذلك ضعف نظري، ولبست النظارة مدة كبيرة وضعف نظري أيضا، لكن الضعف في المرة الأولى كان بسبب الإهمال مني دون قصد، وفي المرة الثانية كنت قد لبستها.
قياسا على هذا، كل شيء أضعفته دون قصد، واكتشفت ذلك متأخرا بسبب الإهمال، وقلة الوعي؛ سواء مني أم من باقي عائلتي، فهل هذا بسببي، أم كان مكتوبا علي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا فرق بين القدر والنصيب الذي هو حظ الإنسان المكتوب له، فكل ما يجري على العبد فهو بقدر الله تعالى، مكتوب قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: .. قال بعض الشراح: أي أمر الله القلم أن يثبت في اللوح ما سيوجد من الخلائق ذاتا وصفة وفعلا وخيرا وشرا على ما تعلقت به إرادته. انتهى.

فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، سبحانه، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه.

وهذا لا يعني أن العبد لا اختيار له، وأنه غير مطالب بالأخذ بالأسباب المشروعة، بل الصواب أن العبد مطالب بتحري الخير، وتوقي الشر، والاجتهاد في الأسباب المشروعة، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة والنار. قالوا: أو لا ندع العمل، ونتكل على الكتاب، فقال: لا، اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له. متفق عليه.

وفي سنن الترمذي: قلت: يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: "هي من قدر الله".

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فأمره بالحرص على ما ينفعه، والاستعانة بالله، ونهاه عن العجز الذي هو الاتكال على القدر، ثم أمره إذا أصابه شيء أن لا ييأس على ما فاته، بل ينظر إلى القدر، ويسلم الأمر لله، فإنه هنا لا يقدر على غير ذلك، كما قال بعض العقلاء: الأمور "أمران": أمر فيه حيلة، وأمر لا حيلة فيه، فما فيه حيلة لا يعجز عنه، وما لا حيلة فيه لا يجزع منه. انتهى مجموع الفتاوى. وانظري الفتوى: 80191.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة