مَن يتناولهم الوعيد في قوله تعالى: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ..."

0 23

السؤال

هل يدخل في هذه الآية: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره …) من أخذ بأحد قولي أهل العلم في الأخذ من اللحية، سواء كان في ما زاد عن القبضة، أم ما كان أقل من القبضة؟ أفتوني مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالوعيد المذكور في الآية الكريمة، يتوجه إلى من استبان له الحكم الشرعي بوضوح وتركه إعراضا عنه، وأخذ بغيره من غير شبهة، ولا تأويل، ولا تقليد سائغ، قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم {النور: 63}: ومعنى: "يخالفون عن أمره" أي: يعرضون عن أمره. اهـ.

وقد ذكر أهل العلم أن الفعل "يخالفون" عدي بحرف الجر "عن"؛ لأن الفعل متضمن للإعراض، وعدم المبالاة، والصد، قال صاحب التحرير والتنوير: وتعدية فعل المخالفة بحرف (عن)؛ لأنه ضمن معنى الصدود. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: فإن قيل: لماذا عدي الفعل بـ:"عن" مع أن "يخالف" يتعدى بنفسه؟

أجيب: أن الفعل ضمن معنى الإعراض; أي: يعرضون عن أمره زهدا فيه، وعدم مبالاة به. اهـ.

فهذا الذي يتوجه إليه اللوم، ويخاف عليه الفتنة.

وقد قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن له أن يدعها لقول أحد. اهـ.

وأما من خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يظهر له أنه مخالف له، بل خالفه مقلدا أحد أهل العلم تقليدا سائغا، أو متأولا وخالف الراجح الذي دل عليه النص الشرعي في تلك المسألة الاجتهادية، فإنه لا يقال عنه: إنه أعرض عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح كتاب التوحيد عند تعليقه على هذه الآية: إذا كان الحديث ظاهرا في الدلالة على ذلك، وكان القول الآخر لا دليل عليه. أما إذا كانت المسألة اجتهادية في الحديث من جهة الفهم، فهذا مجاله واسع. اهــ.

هذا وننبه إلى أن مسألة الأخذ من اللحية ليست من هذا؛ لقوة الخلاف فيها بين العلماء.

وللفائدة راجع الفتاوى: 187723، 185583، 71215.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات