السؤال
أخت فاضلة -جزاها الله خيرا- أنشأت مجموعة في الواتساب؛ لتدبر القرآن وتدارسه، وفكرتها كالتالي: أن تطرح هي، أو أي عضو في المجموعة سؤالا في كتاب الله، ثم يتدبر الجميع، وتلقي كل واحدة ما فهمته من الآية، أو المعنى الظاهر للآية، ثم تقوم السائلة بطرح الجواب الصحيح، وقد يكون من المنتديات على الشبكة، أو مقالات للأستاذ علي منصور الكيالي، فما رأيكم بطريقتنا؟ وما الطريقة الصحيحة الواجب اتباعها في المجموعة؟ وما رأيكم في مقالات الأستاذ الكيالي؟ فأنا أرى في بعضها فلسفة لا علاقة لها بالدين.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالقصد الحسن وحده لا يكفي للإصابة، وليس كل من أراد الخير يدركه، وقد قال عبد الله بن مسعود لأناس من التابعين اجتمعوا في المسجد يذكرون الله على هيئة مخصوصة لم تثبت في السنة، فاعتذروا بقولهم: ما أردنا إلا الخير! فقال لهم: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم. وايم الله، ما أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج. رواه الدارمي، وصححه الألباني.
وصدق -رضي الله عنه- فكم من ذي مقصد حسن، أخطأ السبيل؛ فزلت قدمه، وكم من مريد للخير، طلبه من غير محله؛ فانحرف فكره، وإن كان يظن أنه يعتمد على تدبر القرآن وفهمه!
ولذلك كان من الضروري لمن أراد العلم النافع والعمل الصالح أن يسلك سبيل السنة، ويفهم الدين بفهم الأئمة من سلف هذه الأمة، ويتأكد هذا في بداية طلب العلم، حيث لا مناعة فكرية، ولا مقدمات علمية، يميز بها الطالب بين الغث والسمين، ولا بين الصواب والخطأ؛ ولذلك قال أيوب السختياني: إن من سعادة الحدث والأعجمي، أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة. رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد.
وقال ابن شوذب: إن من نعمة الله على الشاب إذا تنسك، أن يواخي صاحب سنة يحمله عليها. رواه اللالكائي، وابن بطة في الإبانة.
وإذا تبين هذا؛ فنقول: إن الاعتماد على منتديات الشبكة العنكبوتية في فهم القرآن وتدبره، مسلك وخيم العاقبة، وقد يؤدي بالمرء إلى ضد مراده؛ لأنه طلب العلم من غير أهله، بل من مفسديه ومحرفيه، الذين يتأولونه على غير تأويله؛ فعندئذ يقع المرء فريسة للجهل المركب، فيقع في الخطأ ويظن أنه أصاب، ويضل عن الفهم السليم ويحسب أنه اهتدى، ويكون في حاله مع شيخه له نصيب من قول الله تعالى: وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون [الزخرف: 37]. وانظري الفتاوى: 339970، 8600، 166841.
وما ذكر في السؤال مثال على ذلك، فهذا المهندس/ علي منصور الكيالي، ليس أهلا لتفسير القرآن! بل هو من متأوليه ومحرفي معانيه، وله في ذلك طوام وأخطاء فادحة، لا يقع فيها عارف بلغة العرب، فضلا عن طالب علم مبتدئ، بل إن العلم التجريبي الذي درسه، لا يحترم قواعده، ولا يؤدي أمانته، ولا يتحرى الصدق فيه، بل يزيف ويدلس، فما بالنا بالعلوم الشرعية؟!
وأما الأخت الفاضلة التي أنشأت مجموعة الواتساب لتدبر القرآن وتدارسه، فلهذا الغرض النبيل والمقصد الجميل، سبله وطرقه، وأول ذلك: مدارسة كتاب من كتب التفسير المختصرة الميسرة، كتفسير السعدي، أو زبدة التفسير، أو المختصر في تفسير القرآن الكريم.
وأما الوقفات التدبرية، والتوجيهات العملية، والفوائد الإيمانية، فيمكن الرجوع فيها لكتاب: (القرآن تدبر وعمل)، وهو متوفر إلكترونيا وورقيا، وله تطبيق خاص به يمكن تحميله على الجوال.
وأخيرا ننبه على أن القائم على مثل هذه المجموعة، لا بد أن يكون هو نفسه مؤهلا لذلك علميا؛ لكي يوجه ويصحح من يحتاج إلى ذلك من أفراد المجموعة.
والله أعلم.