السؤال
ما صحة هذه الرواية؟
هل تعرفون أن أناسا يوم القيامة سيخرجون من القبور إلى الجنة، بلا ميزان، ولا حساب، ولا يحسون بأهوال القيامة. كيف ذلك؟
يوم القيامة ستخرج طائفة من المقابر إلى الجنة مباشرة. سيدنا رضوان "خازن الجنة" يقول لهم إلى أين؟ أنتم لم ينشر لكم ديوان، ولم ينصب لكم ميزان، فكيف تدخلون الجنان؟
فيقولون: يا رضوان نحن لا نقف لا لحساب، ولا لميزان، ولا لنشر ديوان. أو ما قرأت القرآن؟ فيقول وفي أي شيء من القرآن أقرأ؟ فيقولون في قول الله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب. فيقول وكيف كان صبركم؟ فيقولون: نحن كنا إذا أسيء إلينا حلمنا، وإذا جهل علينا غفرنا، وإذا أذنبنا استغفرنا، وإذا ابتلينا صبرنا، وإذا أعطينا شكرنا. فيقول: (ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون).
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث لم نقف عليه بهذا السياق! وهو وارد على لسان بعض الوعاظ المعاصرين.
لكن أخرج ابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب عليه" وغيره من كتبه. ومن طريقه: البيهقي في "شعب الإيمان". وأبو يعلى في "المسند" كما في "المطالب العالية". كلاهما (ابن أبي الدنيا، وأبو يعلى) قالا: حدثنا خلف بن هشام، نا أبو مطرف مغيرة الشامي، عن العرزمي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة، نادى مناد: أين أهل الفضل؟ فيقوم ناس وهم يسير، فينطلقون إلى الجنة سراعا. فتلقاهم الملائكة، فيقولون: إنا رأيناكم سراعا إلى الجنة، فمن أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الفضل، فيقولون: وما فضلكم؟ فيقولون: كنا إذا ظلمنا صبرنا، وإذا أسيء إلينا عفونا، وإذا جهل علينا حلمنا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين. ثم ينادي مناد: أين أهل الصبر؟ فيتقدم ناس، وهم يسير، فينطلقون إلى الجنة سراعا، قال: فتلقاهم الملائكة، فيقولون: إنا نراكم سراعا إلى الجنة، فمن أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر فيقولون: وما صبركم؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله تعالى، وكنا نصبر عن معاصي الله عز وجل، فيقال لهم: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. ثم ينادي مناد: أين المتحابون في الله تعالى - أو قال: في ذات الله عز وجل - (شك أبو محمد) ؟ فيقوم ناس وهم يسير، فينطلقون إلى الجنة سراعا، فتلقاهم الملائكة، فيقولون: رأيناكم سراعا إلى الجنة، فمن أنتم؟ فيقولون: نحن المتحابون في الله عز وجل - أو في ذات الله عز وجل - فيقولون: وما كان تحابكم؟ فيقولون: كنا نتحاب في الله، ونتزاور في الله تعالى، ونتعاطف في الله تعالى، ونتناول في الله تعالى، فيقال لهم: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثم يضع الله عز وجل الموازين للحساب، بعدما يدخل هؤلاء الجنة. هذا لفظ أبي يعلى.
قال البيهقي في شعب الإيمان (10/ 422): هذا متن غريب، وفي إسناده ضعف والله أعلم. انتهى.
وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: رواه أبو يعلى الموصلي، وفي سنده العرزمي وهو ضعيف، واسمه محمد بن عبيد الله. انتهى.
وأخرج الحافظ أبو نعيم الأصبهاني -رحمه الله- في حلية الأولياء: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: ثنا حفص بن عبد الله الحلواني، قال: ثنا زافر بن سليمان، عن عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء، عن ثابت بن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم أهل الفضل، فيقوم ناس من الناس فيقال: انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة، فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة ، قالوا: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا: من أنتم؟ قالوا: أهل الفضل ، قالوا: وما كان فضلكم ؟ قالوا: كنا إذا جهل علينا حلمنا، وإذا ظلمنا صبرنا، وإذا أسي علينا غفرنا، قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين، ثم ينادي مناد: ليقم أهل الصبر، فيقوم ناس من الناس، فيقال لهم: انطلقوا إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة، فيقال لهم مثل ذلك، فيقولون: نحن أهل الصبر، قالوا: ما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا أنفسنا على طاعة الله، وصبرناها عن معصية الله عز وجل، قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين، ثم ينادي مناد: ليقم جيران الله في داره، فيقوم ناس من الناس، وهم قليل، فيقال لهم: انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة، فيقال لهم مثل ذلك، قالوا: وبما جاورتم الله في داره؟ قالوا: كنا نتزاور في الله عز وجل، ونتجالس في الله، ونتباذل في الله، قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين.
وهذا إسناد ضعيف جدا، فيه زافر بن سليمان، ضعفه جماعة من المحدثين. وقال الحافظ في التقريب: صدوق كثير الأوهام. انتهى
وفيه ثابت الثمالي، متروك الحديث. ضعفه أئمة الجرح والتعديل، كما في التهذيب أيضا.
فهذا الأثر واهي الإسناد لا يصح عن علي بن الحسين -رحمه الله- .
وفي النصوص الشرعية الثابتة ما يغني عن هذه الأحاديث والآثار الضعيفة، ومن نظر في كتاب مثل رياض الصالحين على سبيل المثال في أبواب الصبر وغيرها، لوجد ما يغنيه من صحيح الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والله أعلم.