السؤال
أنا متزوج منذ 11 سنة، وأنجبت ولدين. استكمل كل مولد رضاعته لمدة سنتين، وأثناء فترة الرضاعة، كان الاتفاق مع زوجتي على أن يكون الإفراغ خارج الفرج.
وبعد فطام المولود الثاني واكتمال فترة الرضاعة، أصبحت طريقة الجماع مملة، وطلبت من زوجتي أن تجد حلا لهذا الوضع. فاختارت طريقة أخرى، وهي عمل عملية تركيب لولب داخل الرحم لمنع الإنجاب.
وافقتها على ذلك، واستمر الجماع بشكل طبيعي حوالي أربع سنوات تقريبا، وزوجتي لا ترغب في الإنجاب. طاوعتها في ذلك للمحبة والمودة، والعشرة التي بيننا.
ومنذ فترة قريبة عادت رغبتي من جديد في الإنجاب، وطلبت منها بالحوار الطيب الهادئ عدة مرات، أن تذهب للطبيبة وتزيل المانع (اللولب). فلم تستجيب لذلك، ولا تنوي إزالة المانع. فبادرت بهجرها؛ لكي تستجيب لرغبتي، وما زلنا على هذا الحال حتى تاريخ هذه المراسلة لكم. علما بأن وضع زوجتي الصحي جيد جدا، ووضعي المالي كذلك.
سؤالي: هل ما قمت به من هجر لزوجتي صحيح؟ وهل أأثم بهذا الفعل والتصرف؟
وهل من نصيحة لزوجتي؛ لكي ترجع عن إصرارها على عدم الإنجاب.
نرجو الإفادة، وباراك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حق لزوجتك في الامتناع من الإنجاب دون عذر، فإنه حق مشترك للزوجين، لا يجوز لأحدهما أن يمنع الآخر منه، وراجع الفتوى: 31369
وعليه؛ فإن كنت بينت لزوجتك وجوب طاعتها لك في مسألة الإنجاب، ووعظتها فلم تستجب؛ فلا إثم عليك في هجرها في المضجع لهذا السبب.
جاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير: والوعظ التذكير بما يلين القلب لقبول الطاعة، واجتناب المنكر. ثم إذا لم يفد الوعظ هجرها: أي تجنبها في المضجع، فلا ينام معها في فرش، لعلها أن ترجع عما هي عليه من المخالفة. ثم إذا لم يفد الهجر ضربها: أي جاز له ضربها ضربا غير مبرح، وهو الذي لا يكسر عظما، ولا يشين جارحة، ولا يجوز الضرب المبرح ولو علم أنها لا تترك النشوز إلا به. فإن وقع؛ فلها التطليق عليه والقصاص، ولا ينتقل لحالة حتى يظن أن التي قبلها لا تفيد. انتهى.
ونصيحتنا لزوجتك؛ أن تتقي الله تعالى وتقف عند حدوده، وتعرف حق زوجها عليها، ولا تمتنع من الإنجاب دون عذر، ونذكرها بأن الولد الصالح من أفضل نعم الله تعالى على الوالدين، ومن أنفعها لهما في الدنيا والآخرة.
يقول الدكتور محمد الصباغ -حفظه الله-: إن غريزة الامتداد في الذراري والأحفاد، لا يستطيع المرء السوي أن ينعم بها إلا عن طريق الزواج.
فكما أحسن إليك والدك فكان سبب وجودك في هذه الدنيا، فكذلك ينبغي بالنسبة إليك أن تقابل هذا الإحسان بالبر إليه، والوفاء له، فتنجب للدنيا نبتة كريمة تتعهدها بالتربية والتهذيب، تحيي اسم والدك، ويكون عملها الطيب في سجلك. ويكفي الممتنع عن الإنجاب عقوقا أن يكون هو الشخص الأول الذي يقطع هذه السلسلة التي تبدأ بآدم، وتنتهي به. انتهى من كتاب "نظرات في الأسرة المسلمة"
والله أعلم.