السؤال
عند متابعتي لأحد علماء الدين أتوقف أحيانا عن متابعة أقوالهم إن قالوا شيئا لا أتقبل تفسيره، فهل هذا الفعل صحيح؟ على سبيل المثال: سمعت أحدهم يقول: إنه يجب عدم الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لنبوته، وليس لشخصه الكريم، فلم أتقبل الأمر، ولم أكمل الفيديو، فهل عملي هذا صواب؟ وقد توقفت عن الاستماع لمجموعة كبيرة من العلماء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن العامي ليس مؤهلا للحكم على أقوال العلماء وتقويمها، وإنما عليه إذا شك في صحة قول عالم، أو لم يطمئن لفتاواه أن يسأل غيره من العلماء الذين عرفوا بالعلم والديانة.
ولا يسوغ أن يجعل العامي رأيه وهواه حكما على أقوال العلماء المعتبرين، وانظري في هذا الفتاوى: 11773، 166953، 408547.
مع التنبه إلى أن مرتبة العلم مرتبة عالية عزيزة، فليس كل متكلم في الدين على قناة، أو إذاعة، أو موقع، يعد عالما، فكثير من المتصدرين والمشهورين بالكلام في الدين، لم يبلغوا مرتبة العلماء.
وأما بخصوص المثال الذي ذكرته: فالكلام غير صحيح؛ إذ إنه يفهم منه تجويز الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شخصه، لا من أجل نبوته؟ وهذا باطل -ولا شك-؛ لأن أي إساءة لشخص النبي صلى الله عليه وسلم، فهي كفر أكبر، مخرج من الملة باتفاق المسلمين، جاء في الشفا للقاضي عياض: اعلم -وفقنا الله وإياك- أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو عابه، أو ألحق به نقصا في نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو عرض به، أو شبهه بشيء على طريق السب له، أو الإزراء عليه، أو التصغير لشأنه، أو الغض منه، والعيب له: فهو ساب له، والحكم فيه حكم الساب؛ يقتل، ولا يمترى فيه تصريحا كان، أو تلويحا.
وكذلك من لعنه، أو دعا عليه، أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام، وهجر ومنكر من القول وزور، أو عيره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه، وهذا كله إجماع من العلماء، وأئمة الفتوى من لدن الصحابة -رضوان الله عليهم- إلى هلم جرا. اهـ.
والله أعلم.