السؤال
كنت قد طرحت عليكم منذ أكثر من أسبوعين سؤالا عن حكم الموسوس الذي يحلف بالطلاق إن قطع نية العبادة وحنث، وقد أجبتم عن سؤالي في الفتوى: 425557 بأن الطلاق لا يقع إذا كان الموسوس مغلوبا على أمره، ولا يقع أيضا حتى ولو كان مخيرا.
وقد اقترحتم علي في هذه الحالة العمل بقول ابن تيمية ومن وافقه، لكن نسيت أن أخبركم أن هذا الشخص تخلص من جزء كبير من الوساوس، لكنه ما زال خائفا من الطلاق؛ مخافة أن يعود لقطع العبادة، فهل ما زال لهذا الشخص حكم الموسوس والمكره بعد أن تحسنت حالته؟ وهل تجزئ كفارة اليمين نقدا؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعبرة في أمر وقوع الطلاق من عدمه الإرادة والاختيار؛ فهي مناط التكليف.
فإن أقدم على التلفظ بالطلاق قاصدا إيقاعه، مختارا، ومدركا لما يقول؛ فقد وقع الطلاق في هذه الحال.
ولكن إقدام الموسوس على الطلاق تخلصا من الوسوسة مسلك خاطئ، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: وقد ذكر لي بعض الناس الذين ابتلوا بمثل هذا، أنه قال مرة من المرات: ما دمت في قلق وتعب، سأطلق، فطلق بإرادة حقيقية؛ تخلصا من هذا الضيق الذي يجده في نفسه، وهذا خطأ عظيم، والشيطان لا يريد لابن آدم إلا مثل هذا أن يفرق بينه وبين أهله، ولا سيما إذا كان بينهم أولاد، فإنه يحب أن يفرق بينهم أكثر؛ لعظم الضرر، والعدو -كما هو معلوم لكل أحد- يحب الإضرار بعدوه بكل طريق وبكل وسيلة.
والطريقة التي فعلها هذا الذي ذكر لي الطريقة ليست بصواب، وليس دواء من ابتلي بالوسواس أن يوقع ما يريده الشيطان منه، بل دواؤه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. اهـ.
فهذا يعني أن مجرد ما ذكر من الخوف من العودة لقطع العبادة ليس مانعا من وقوع الطلاق، إن لم يصل الأمر للمغالبة، وانتفاء الاختيار.
وما ذكرنا من وقوع الطلاق عند الحنث في الحلف؛ بناء على ما نفتي به من قول الجمهور في مسألة الحلف بالطلاق.
ولا بأس بالأخذ بقول ابن تيمية؛ دفعا للحرج، وليس تتبعا للرخص، واتباعا للهوى، وراجع الفتوى: 134759.
والجمهور على أنه لا يجزئ إخراج القيمة في كفارة اليمين، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 138161.
والله أعلم.