السؤال
هل من حق الوالدين أخذ، أو التحكم في راتب ابنتهما، الذي تأخذه من عملها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالرشيد من الأولاد -بنتا أو ابنا- هو الذي يتحكم في ماله -راتبا، أو غيره-، ويتصرف فيه في المباحات كما يشاء، ولا سلطان لأبويه على ماله.
لكن إن كانت البنت موسرة، وأبواها فقيرين، فواجب عليها أن تنفق عليهما بالمعروف.
وإذا امتنعت من الإنفاق عليهما، كانت عاقة لهما، وراجعي الفتوى: 148897.
وأما عند عدم حاجة الوالدين؛ فجمهور أهل العلم على أنه لا يحق لهما أن يأخذا شيئا من مال ولدهما، أو يتصرفا فيه دون رضاه.
وذهب الحنابلة إلى أن للأب الأخذ من مال الولد، ولو بغير حاجة؛ بشرط ألا يجحف بمال الولد، أو يضره، وألا يأخذ من مال ولد ليعطيه لولد آخر، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه، مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا، بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر ...
وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته. انتهى.
وعلى كل حال؛ فالواجب على البنت أن تبر والديها، وتحسن إليهما؛ فإن حق الوالدين عظيم.
وإذا لم يكن من حق والديها التصرف في مالها، أو الأخذ منه، وسألاها شيئا من مالها؛ فالأولى أن تعطيهما ما لا يضرها إعطاؤه، فقد جاء في الفروق للقرافي: قيل لمالك ... يا أبا عبد الله، لي والدة وأخت وزوجة، فكلما رأت لي شيئا، قالت: أعط هذا لأختك. فإن منعتها ذلك، سبتني، ودعت علي. قال له مالك: ما أرى أن تغايظها، وتخلص منها بما قدرت عليه. أي: وتخلص من سخطها بما قدرت عليه. انتهى.
والله أعلم.