السؤال
من المعروف في الدين أن من علم أحدا شيئا من الدين بأمر الله -عز وجل- يحصل على مثل أجره، كما في الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من دل على خير، فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم.
وكما في الحديث الشريف الذى يدعو إلى تعليم الناس الخير للحصول على عظيم الثواب، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير.
أنا الآن إذا علمت أحدا صيام يوم عاشوراء، وصام بأمر الله -عز وجل- أحصل على ثواب مثل صيامه، ولكن سؤالي هنا ليس على الثواب، ولكن على المغفرة، فمن المعروف أن من صام عاشوراء بأمر الله -عز وجل- يغفر له السنة الماضية. مع العلم أن المغفرة للصغائر فقط أما الكبائر فتغفر بالتوبة.
السؤال: أنا الآن إذا علمت خمسة من الناس صيام عاشوراء، وصاموا من الثواب بأمر الله -عز وجل- آخذ أجر خمسة، لكن سؤالي عن المغفرة. هل يغفر لي خمس سنوات على اعتبار أن كل واحد منهم يغفر له سنة، وأنا علمتهم فيغفر لي خمس سنوات؟ أم لا يغفر لي إلا سنة واحدة إذا صمت، ولا آخذ منهم إلا ثواب الخمسة فقط.
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت الترغيب في الدلالة على الخير لما فيه الثواب الجزيل, ومن الأدلة على ذلك الحديث الذي ذكرته, وهو في صحيح مسلم عن أبي مسعود الأنصاري، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من دل على خير فله مثل أجر فاعله.
قال الإمام النووي في شرح الحديث: فيه فضيلة الدلالة على الخير، والتنبيه عليه، والمساعدة لفاعله، وفيه فضيلة تعليم العلم ووظائف العبادات، لا سيما لمن يعمل بها من المتعبدين، وغيرهم. والمراد بمثل أجر فاعله: أن له ثوابا بذلك الفعل، كما أن لفاعله ثوابا، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء. اهـ
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين: وقوله: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" فيه إشكال: وهو أن يقال: الدلالة كلمة تقال، وفعل الخير إخراج مال محبوب، فكيف يتساوى الأجران؟ فالجواب: أن المثلية واقعة في الأجر، فالتقدير: لهذا أجر كما أن لهذا أجرا، وإن تفاوت الأجران. ومثل هذا قوله: "من سن سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها" وقوله: "الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر به أحد المتصدقين" وقوله: "من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا". اهـ
وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض: وقوله: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" مثل قوله: "من جهز غازيا فقد غزا": أي له أجر فعل الخير، وأجر الغزو، وإن لم يلحق بجميع تضعيف أجر معطي الخير، وأجر الغازي؛ لأنه يجتمع في تلك الأشياء أفعال أخر، وأعمال من البر كثيرة، ولا يلحق بها الدال الذي ليس عنده إلا بمجرد النية في الحسنة. اهـ
وراجع المزيد من كلام أهل العلم على هذا الحديث, وذلك في الفتوى: 319507. وهي بعنوان" شرح حديث: من دل على خير فله مثل أجر فاعله"
وبناء على ما سبق، فإنك إذا أرشدت خمسة أشخاص إلى ثواب صيام يوم عاشوراء, فإنك تثاب على ذلك, ولا يعني هذا أنك تحصل على مثل ثواب صيامهم.
أما حصولك على مغفرة خمس سنوات, فلم نقف على ما يدل عليه من كلام أهل العلم.
والله أعلم.