السؤال
ما معنى محبة أسماء الله ربنا وصفاته؟ وكيف نكون محبين لأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى؟ ونحن نحب الله ربنا فوق كل شيء، وهل نقول: نحب أسماءه وصفاته فوق كل شيء؟
جزاكم الله أحسن الجزاء، وبارك الله فيكم، وفي أهليكم أجمعين، وأدخلكم جنات الفردوس بغير حساب وعذاب، وأحسن الله إليكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على كل مسلم أن يحب الله تعالى أكثر من حبه لنفسه، قال الله تعالى: قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره {التوبة:24}، وفي الصحيحين من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما...
وإذا علمت هذا؛ فإن من أعظم الطرق المعينة على محبة الله تعالى؛ معرفة أسمائه وصفاته؛ فإن الله تعالى موصوف بكل كمال، منزه عن كل نقص، والنفس مجبولة على حب الكمال.
فمن عرف أن الكمال كله لله سبحانه، فإنه سيجد نفسه مضطرا إلى محبته، ولا بد؛ فالله يحب لتسميه بالأسماء الحسنى، ولاتصافه بالصفات العلى، لا أن تلك الأسماء والصفات يتعبد بحبها لذاتها.
وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- هذا السبب ضمن الأسباب الجالبة للمحبة فقال: الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها، ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة ومباديها. فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ أحبه لا محالة؛ ولهذا كانت المعطلة والفرعونية والجهمية قطاع الطريق على القلوب بينها وبين الوصول إلى المحبوب. انتهى.
فالمطلوب منك أن تحب الله؛ لاتصافه بتلك الصفات الكاملة، وتدمن الفكرة فيها؛ لتستشعر كماله سبحانه، وتنزهه عن النقائص:
فتحملك صفات جماله -كالمغفرة، والرحمة، والتوبة على العباد- على رجاء فضله ومثوبته.
وتحملك صفات جلاله -كشدة الغضب، والانتقام من المخالفين- على الخوف منه، والحذر من عقابه؛ فتؤدي العبودية اللائقة بكل اسم من هذه الأسماء، وصفة من تلك الصفات:
فتتوب إليه؛ لأنه التواب.
وتحفظ لسانك عن القبيح؛ لأنه السميع.
وتحفظ جوارحك عن المحظور؛ لأنه البصير، وهكذا، وهذا من معاني دعاء الله بأسمائه الحسنى، كما قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها {الأعراف:180}.
وهذا أيضا أحد معاني إحصائها الوارد في الحديث الثابت في الصحيح: من أحصاها، دخل الجنة.
قال القسطلاني في شرح قوله: من أحصاها: (من أحصاها) أي: حفظها، كما فسره به البخاري، كما يأتي قريبا -إن شاء الله تعالى- والأكثرون، ويؤيده ما سبق في الدعوات: لا يحفظها أحد إلا (دخل الجنة)، أو المعنى: ضبطها حصرا، وتعدادا، وعلما، وإيمانا، وذكر الجزاء بلفظ الماضي تحقيقا، أو بمعنى الإطاقة، أي: أطاق القيام بحقها، والعمل بمقتضاها؛ وذلك بأن يعتبر معانيها، فيطالب نفسه بما تتضمنه من صفات الربوبية، وأحكام العبودية، فيتخلق بها. انتهى.
والله أعلم.