السؤال
أنا شاب عمري ١٨ سنة، وقد ابتليت قبل شهرين بالعادة السرية، وأصبحت مدمنا عليها، أي أنني أمارسها بشكل يومي عند الاغتسال، فوضعت لنفسي خطة للتخلص منها بأن أغتسل مرتين في الأسبوع -أي كل ثلاثة أو أربعة أيام-، وأحاول قدر طاقتي منعها، وفي البداية نجحت، واغتسلت يوم الخميس، ولم أفعلها، ولم أغتسل يوم الجمعة؛ لأنني أعلم أني لو اغتسلت لمارستها، فما حكم عدم اغتسالي يوم الجمعة، واكتفائي بالوضوء فقط؟ وإن التزمت بهذه الخطة لمدة شهر، فسوف أترك هذه العادة -بعون الله-، علما أنني ملتزم بالصلاة، ولدي ورد كل يوم صفحة واحدة على الأقل من القرآن، وأقرأ أذكار الصباح والمساء، والنوم، والاستيقاظ.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فغسل الجمعة مستحب لا واجب في قول الأئمة الأربعة، قال ابن قدامة في المغني متحدثا عن غسل الجمعة: وليس ذلك بواجب في قول أكثر أهل العلم. قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم. وهو قول الأوزاعي، والثوري، ومالك، والشافعي، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، وقيل: إن هذا إجماع.
قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين قديما وحديثا على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب.
وحكي عن أحمد رواية أخرى: أنه واجب، وروي ذلك عن أبي هريرة، وعمرو بن سليم. وقاول عمار بن ياسر رجلا، فقال عمار: أنا إذن أشر ممن لا يغتسل يوم الجمعة. ووجهه قول النبي صلى الله عليه وسلم: غسل الجمعة واجب على كل محتلم، وقوله -عليه السلام-: من أتى منكم الجمعة، فليغتسل، وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما، يغسل رأسه وجسده. متفق عليهن.
ولنا، ما روى سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ يوم الجمعة، فبها ونعمت، ومن اغتسل، فالغسل أفضل. رواه النسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن. وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: من توضأ، فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى، فقد لغا. متفق عليه. وأيضا فإنه إجماع، حيث قال عمر لعثمان: أية ساعة هذه؟ فقال: إني شغلت اليوم، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء، فلم أزد على الوضوء، فقال له عمر: والوضوء أيضا، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل؟، ولو كان واجبا لرده، ولم يخف على عثمان، وعلى من حضر من الصحابة، وحديثهم محمول على تأكيد الندب؛ ولذلك ذكر في سياقه: "وسواك، وأن يمس طيبا". كذلك رواه مسلم. والسواك، ومس الطيب، لا يجب. انتهى.
وبه تعلم أنه لا إثم عليك في ترك الاغتسال للجمعة، وإن كان اغتسالك لها أولى وأعظم أجرا، فقد كان الأولى بك أن تغتسل، وتجاهد نفسك على الترك.
أما إذ لم تفعل، فلا إثم عليك -إن شاء الله-.
وعليك أن تتوب من الاستمناء، وألا تعود إليه؛ طاعة لله تعالى، وخوفا من عقابه.
واستعن على ذلك بالإكثار من الصيام، ولزوم الذكر، والدعاء، وصحبة الأخيار، والبعد عن مظان الشر، ومواطن إثارة الشهوة، وشغل النفس بما ينفع من الفكرة في أمور دينك ودنياك.
والله أعلم.