الزاوج من الكتابية بعرض الزواج عليها وموافقتها ونسبة الولد للزوج

0 18

السؤال

أنا شاب مسلم، أشهد الشهادتين، وأؤمن بما أنزل الله، ولكن إيماني متقلب، ففي يوم أصلي وأدعو الله، وفي يوم أنسى ذكر الله.
وأنا مصاب منذ خمس سنوات بحالات خوف من الأمراض والموت، وقد سبب لي هذا تشنجات وآلاما، وسرق مني النوم ولذة الحياة، فحياتي كلها إما في المستشفى، أو في سريري في حالة خوف وألم.
أنا أقيم في دولة أجنبية، وتعرفت إلى فتاة ساعدتني في أموري العملية، وفي حالات الخوف التي تصيبني -بين علاجات نفسية، وتخلص من المخدرات، وتهدئتي من الخوف-؛ حتى وقعنا في الزنى، فأخبرتها أنها لا تحل لي حتى نتزوج على شرع الله.
وبسبب فيروس كورونا لم تكن هناك أي فرصة لإيجاد مكان تقام فيه العقود الشرعية، والفتاة نصرانية من أهل الكتاب تؤمن بما يؤمنون به، فنويت لوجه الله أنها زوجة لي، وسألتها أمام الله إن كانت موافقة أن تكون زوجة لي على سنة الله ورسوله؛ فوافقت، وقالت: عندما نجد مسجدا نتزوج فيه، ودامت علاقتنا تسعة شهور.
وهي الآن حامل في الأسبوع الثالث، وقد أصابني شيء من الخوف والندم، فهل هذا الزواج صحيح، أم إنه زنى، والطفل الذي في بطنها ابن زنى؟ وإن كنت على إثم، فماذا أفعل لأصحح فعلتي؟ فوالله، إني أخاف ألا ألحق أهل الجنة، وإني أرجو ألا ألحق أهل النار.
أنا الآن ما زلت أخضع لعلاجات نفسية ضد الخوف الذي يصيبني، ونوبات الهلع، ولكن هذا لا يبرر خطيئتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فمن أعظم نعم الله عز وجل على ابن آدم نعمة الإسلام والإيمان، وهذه النعمة تقتضي الشكر بالإتيان بما يقتضيه ذلك من القول والعمل، ولا سيما الفرائض، وأهمها الصلاة، فهي عماد الدين، والصلة بين العبد وربه، فتجب المحافظة عليها، وأداؤها في أوقاتها، فقد قال تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا {النساء:103}.

ويجب الحذر من التفريط فيها أو تركها؛ فذلك أمر خطير، وذنب عظيم، وانظر الفتوى: 1145، والفتوى: 355606.

فالواجب عليك المحافظة على الصلاة؛ فهي من خير ما يعينك على التخلص مما أنت فيه؛ فالصلاة نور.

واجتهد في الإكثار من ذكر الله، والاستعاذة بالله عز وجل من الشيطان الرجيم، وأن لا تترك له مجالا لإغوائك، هذا أولا.

ثانيا: الخوف من المرض أو الموت في أصله أمر طبيعي، وهذا الخوف ثمرته طيبة، إن كانت اطمئنان قلب المسلم، وإقباله على ربه وطاعته وذكره، ولكن أن يصل بك الأمر إلى هذه الحال، وأن يترتب على ذلك تفريط في الدين، وإضرار بالنفس وإهلاكها، فهذا أمر مذموم، وانظر الفتوى: 418732، والفتوى: 286168.

ولمزيد من التوجيهات بهذا الشأن، نرجو أن تتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا على هذا الرابط:

        https://islamweb.net/ar/consult/

ثالثا: الواجب عليك المبادرة للتوبة من الزنى، وقطع أي علاقة لك بها؛ فإنها أجنبية عنك، وراجع شروط التوبة في الفتوى: 5450.

رابعا: قد أحسنت بإخبارك إياها بأنها لا تحل لك بغير الزواج الشرعي، والزواج من الكتابية أمر مشروع، وشرطه كونها عفيفة، أي: لم تقع في الزنى، وقد ذكرت أنك قد وقعت معها في الزنى، فلا يحل لك الزواج منها، إلا إذا تابت، وراجع الفتوى: 165729.

 خامسا: وعلى فرض كونها عفيفة؛ فالزواج لا يصح إلا بتحقق شروط، ومن أهمها: الولي، والشهود، ويتولى تزويجها وليها من أهل دينها، فإن لم يوجد، زوجها أساقفتهم، أو القاضي الشرعي، وراجع الفتاوى: 44490، 126943، 1766.

ومنه تعلم أنه لا يصح الزواج بمجرد عرضك الزواج عليها، وموافقتها على ذلك، فالواجب عليك مفارقتها.

وهذا الولد ينسب إليك، إن كنت تعتقد صحة زواجك منها، قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: إن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ، إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده، ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين...

إلى أن قال: فثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر، بل الولد للفراش، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ‏‏الولد للفراش، وللعاهر الحجر‏. اهـ.

سادسا: لست ظالما لهذه الفتاة إن كان هذا الزنى باختيارها، ولم يكن منك إكراه لها، فهي الجانية على نفسها بذلك.

فوصيتنا لك أن تحرص على صحبة الأخيار، وأن تحضر مجالس العلم والخير في المراكز الإسلامية، وغيرها، وتستعين بإخوانك المسلمين في البحث عن امرأة مسلمة صالحة، تعينك في أمر دينك ودنياك.

سابعا: كما أسلفنا أنه لا يجوز الزواج من الكتابية، إن لم تكن عفيفة، ولكن إن تبين تركها الزنى، وأنها تابت، وحسنت سيرتها؛ جاز الزواج منها، على ما بيناه فيما سبق، ويصعب التأكد من ذلك؛ ومن هنا فإن الزواج من امرأة مسلمة صالحة أفضل، كما سبق بيانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة