السؤال
قال تعالى: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار"، والمقصود بالآية -حسب ما قرأت- المنافقون الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، فهل يمكن الاستدلال بالآية على شخص مسلم بوجهين، يكون أمامي على صفة معينة، ومن خلفي بصفة أخرى، فأقول له: إنه منافق، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن قوله سبحانه: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا {النساء:145}، هو في أصحاب النفاق الاعتقادي الذين يبطنون الكفر بالله، وليس في أصحاب النفاق العملي من المسلمين، كما بيناه في الفتوى: 104440.
وعليه؛ فلا يجوز تنزيل هذا الوعيد، والاستدلال به على أهل الإسلام، وانظري الفتوى: 226585.
واتهام المسلم بالنفاق، لا يجوز، فقد جاء في الصحيحين من حديث عتبان -في حديث طويل-: فقال قائل منهم: أين مالك بن الدخشن؟ فقال بعضهم: ذلك منافق، لا يحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله، يريد بذلك وجه الله... الحديث.
قال ابن رجب في فتح الباري: وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقل ذلك) نهي أن يرمى أحد بالنفاق لقرائن تظهر عليه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجري على المنافقين أحكام المسلمين في الظاهر، مع علمه بنفاق بعضهم، فكيف بمسلم يرمى بذلك بمجرد قرينة!؟. اهـ.
وإذا ظهرت من شخص صفة من صفات المنافقين؛ كالكذب، أو الفجور في الخصومة، فغاية ما يجوز أن يقال له: فيك صفة من صفات المنافقين، ونحو ذلك، وراجعي الفتويين: 193495، 116698.
والله أعلم.