السؤال
قال الله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون (5) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (6) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"، من المقصود بهذه الآيات هل هم الرجال أم النساء أم كلاهما؟ وقد بحثت في حكم زواج المرأة من عبدها، فقيل: إن ذلك الحكم للرجال المؤمنين، ويحرم على النساء، وكنت قد قرأت عن حكم الاستمناء، فأقر أهل الدين بتحريمه على الجنسين؛ بالاستشهاد بهذه الآيات، فأرجو توضيح ذلك. وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن المراد بهذه الآية الكريمة هم الرجال دون النساء، بخلاف الآيات الأخرى التي جاءت معها في أول سورة المؤمنون؛ فإنها عامة في الرجال والنساء، قال البغوي في تفسيره: والآية في الرجال خاصة، بدليل قوله: "أو ما ملكت أيمانهم"، والمرأة لا يجوز أن تستمتع بفرج مملوكها. {فإنهم غير ملومين} يعني يحفظ فرجه، إلا من امرأته، أو أمته، فإنه لا يلام على ذلك. اهــ.
وقال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون)، قال ابن العربي: "من غريب القرآن أن هذه الآيات العشر عامة في الرجال والنساء، كسائر ألفاظ القرآن التي هي محتملة لهم، فإنها عامة فيهم، إلا قوله: "والذين هم لفروجهم حافظون"، فإنما خاطب بها الرجال خاصة دون الزوجات، بدليل قوله: "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم"، وإنما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخرى، كآيات الإحصان عموما وخصوصا، وغير ذلك من الأدلة".
قلت: وعلى هذا التأويل في الآية، فلا يحل لامرأة أن يطأها من تملكه إجماعا من العلماء؛ لأنها غير داخلة في الآية، ولكنها لو أعتقته بعد ملكها له، جاز له أن يتزوجها، كما يجوز لغيره عند الجمهور. اهــ.
وجاء في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: اعلم أن أهل العلم أجمعوا على أن حكم هذه الآية الكريمة في التمتع بملك اليمين في قوله: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم [23 / 5- 6]، خاص بالرجال دون النساء، فلا يحل للمرأة أن تتسرى عبدها، وتتمتع به بملك اليمين، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم. اهــ.
وفي فتح القدير للشوكاني: والذين هم لفروجهم حافظون. الفرج: يطلق على فرج الرجل والمرأة، ومعنى حفظهم لها أنهم ممسكون لها بالعفاف عما لا يحل لهم. قيل: والمراد هنا الرجال خاصة دون النساء، بدليل قوله: إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم؛ للإجماع على أنه لا يحل للمرأة أن يطأها من تملكه. اهــ.
ولا يقال: إن الاستمناء جائز للمرأة؛ بحجة أن تلك الآية الكريمة مخاطب بها الرجال! فالمرأة -كما جاء في كلام القرطبي- مأمورة أيضا بحفظ فرجها، وعرف ذلك بأدلة أخرى من الكتاب، والسنة، كقول الله تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن {النور:31}، وكما في حديث: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت. رواه أحمد في المسند.
والله أعلم.