أحكام وحدُّ الطمأنينة في الصلاة

0 35

السؤال

حكم رفع الإمام من الركوع، وأنا لا زلت أقرأ الفاتحة، ولم أركع؛ لأني في بلاد المذهب السائد فيها الحنفي، يصلون سريعا، وفي الركعتين الثالثة والرابعة لا أستطيع أن أركع إلا بعد رفع الإمام بسبب أن الإمام يركع، وأنا لا زلت أقرأ الفاتحة.
وبالنسبة للركوع فهو سريع، ربما يقولون: سبحان ربي العظيم مرة واحدة، وأيضا في السجود، ولا يجلسون بين السجدتين، أيضا لا يعتدلون من الركوع. يرفع من الركوع، ويكمل قوله: سمع الله لمن حمده، ويخر ساجدا. أما الجلوس بين السجدتين فيسجد بعد الرفع من السجدة الأولى.
هل هذا مذهب، أم يوجد شيء لا نفهمه؟
أيضا الذكر الجماعي دائما بعد كل صلاة، فيلزم المقيم للصلاة أن يقول بعد التسليم: اللهم أنت السلام ..... ثم يذكرون الله بشكل جماعي، يعني المقيم للصلاة يقول: سبحان الله، ثم هم يسبحون بعده، لكن ليس بصوت جماعي. بشكل منفرد (صوت). ثم يقول: الله أكبر، ويكبرون بعده، وهكذا إلى آخره من الأذكار.
ثم يدعون الدعاء بشكل جماعي بعد الأذكار، ويقرأون الفاتحة بعد كل صلاة يقولون: بحرمة الفاتحة، ثم يقرؤونها جميعا.
أيضا قراءتهم سورة يس والملك والحجرات بين الأذان والإقامة لصلاة الفجر كل يوم، وتأخيرهم للأذان 20 دقيقة بعد دخول الوقت على مذهبهم.
أرشدوني -جزاكم الله خيرا- عن حكم هذه الأعمال، فقد اختلفنا مع الشباب، وقالوا إنه عادي، وهذا قول المذهب في موضوع الذكر الجماعي، وغيره من الأعمال المذكورة، وقالوا إنهم لديهم شيوخهم وعلماؤهم، ولابد أن نحترمهم، ونقول بعدهم، ونحن نتجنب هذه الأعمال إلا ما كان صحيحا -بفضل الله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالطمأنينة ركن من أركان الصلاة عند الجمهور، والطمأنينة في الاعتدال من الركوع، والجلوس بين السجدتين من أركان الصلاة، وحد الطمأنينة هو أن يسكن المصلي أدنى سكون، وانظر الفتوى: 146923.

والذي نفهمه من سؤالك أن الإمام يأتي بهذا القدر من الطمأنينة، ولا يخل به، وإن كان يسرع في صلاته إسراعا مذموما بلا شك، فعليك بمناصحته، وأن تطلب منه بلين ورفق أن يبطئ بقدر ما يتيسر لكم متابعته، والإتيان بالأركان عقبه، وقد يكون لديك أنت شيء من البطء الزائد، ومن ثم فعليك أن تحرص على متابعة الإمام، وإن أدى بك ذلك إلى الاقتصار على الواجبات فحسب.

ثم إننا نبين لك، ولهذا الإمام، ومن نحا نحوه أن المحققين من فقهاء الحنفية يوجبون الطمأنينة، والاعتدال في الركوع والسجود، والقيام، والجلوس بين السجدتين.

فعليك أن تبين لهم هذا من مذهبهم، وتذكر لهم كلام محققيهم، وذلك كله بلين ورفق دفعا للشر، ورفعا للنزاع.

وهاك ما ذكره العلامة ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار: (قوله وكذا في الرفع منهما) أي يجب التعديل أيضا في القومة من الركوع، والجلسة بين السجدتين، وتضمن كلامه وجوب نفس القومة والجلسة أيضا؛ لأنه يلزم من وجوب التعديل فيهما وجوبهما (قوله على ما اختاره الكمال) قال في البحر: ومقتضى الدليل وجوب الطمأنينة في الأربعة أي في الركوع والسجود وفي القومة والجلسة، ووجوب نفس الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين للمواظبة على ذلك كله، وللأمر في حديث المسيء صلاته، ولما ذكره قاضي خان من لزوم سجود السهو بترك الرفع من الركوع ساهيا وكذا في المحيط، فيكون حكم الجلسة بين السجدتين كذلك لأن الكلام فيهما واحد، والقول بوجوب الكل هو مختار المحقق ابن الهمام وتلميذه ابن أمير الحاج، حتى قال إنه الصواب، والله الموفق للصواب. اهـ.

مطلب لا ينبغي أن يعدل عن الدراية إذا وافقتها رواية، وقال في شرح المنية: ولا ينبغي أن يعدل عن الدراية أي الدليل إذا وافقتها رواية على ما تقدم عن فتاوى قاضي خان، ومثله ما ذكر في القنية من قوله: وقد شدد القاضي الصدر في شرحه في تعديل الأركان جميعها تشديدا بليغا فقال: وإكمال كل ركن واجب عند أبي حنيفة ومحمد. وعند أبي يوسف والشافعي فريضة، فيمكث في الركوع والسجود وفي القومة بينهما حتى يطمئن كل عضو منه، هذا هو الواجب عند أبي حنيفة ومحمد... والحاصل أن الأصح رواية ودراية وجوب تعديل الأركان، وأما القومة والجلسة وتعديلهما فالمشهور في المذهب السنية، وروي وجوبها، وهو الموافق للأدلة، وعليه الكمال ومن بعده من المتأخرين وقد علمت قول تلميذه إنه الصواب. وقال أبو يوسف بفرضية الكل واختاره في المجمع والعيني ورواه الطحاوي عن أئمتنا الثلاثة. وقال في الفيض: إنه الأحوط اهـ

وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وللعلامة البركلي رسالة سماها معدل الصلاة أوضح المسألة فيها غاية الإيضاح، وبسط فيها أدلة الوجوب، وذكر ما يترتب على ترك ذلك من الآفات وأوصلها إلى ثلاثين آفة ومن المكروهات الحاصلة في صلاة يوم وليلة، وأوصلها إلى أكثر من ثلاثمائة وخمسين مكروها، فينبغي مراجعتها ومطالعتها. انتهى

وعلى تقدير كون الإمام يخل بالطمأنينة الواجبة، فصل في مسجد آخر يحرص إمامه على الإتيان بالطمأنينة الواجبة، بحيث يمكنك متابعته بغير إخلال بشيء من أركان الصلاة، وإذا ركع الإمام وأنت تقرأ الفاتحة، فعلى القول بسنية الفاتحة للمأموم، وهو قول الجمهور، فلا إشكال في أنك تتابعه، وأما على القول بوجوب الفاتحة على المأموم، وهو ما نفتي به، فالموجبون للفاتحة على المأموم اختلفوا في هذه المسألة على قولين، فمنهم من رأى أنك تركع، وتأتم بإمامك، ويسقط عنك ما بقي من الفاتحة، ومنهم من رأى أنك تستمر في قراءتها، وإن رفع الإمام من الركوع، وهو ما نفتي به، والخطب في هذه المسألة يسير، وانظر الفتوى: 111619، والفتوى: 373180، هذا ما يتعلق بسؤالك الأول والخاص بالطمأنينة في أركان الصلاة.

وأما بقية أسئلتك، فيرجى إرسال كل منها بشكل مستقل لتتسنى إجابتك عنها، كما هي سياسة الموقع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة