السؤال
توفيت والدتي، ونحن أربع بنات وابن. لم يكن أخي يزورها، أو يرسل أبناءه لزيارتها، أو ودها، حتى في أيام الأعياد، أو رمضان.
كان يراها فقط عندما تذهب للمستشفى في حالات خطيرة، وتوفيت دون أن تراه، وهو معها في نفس البلد.
ما حكم الشرع في توزيع الميراث، وخاصة نصيبه؟ هل يجوز أن نبيع كل ما تملكه من ذهب، ونتبرع به أم لا؟ أنا وأخواتي البنات ليس لدينا مانع من البيع.
وكانت -رحمة الله عليها- حزينة من جفائه، وعدم برها، وكنا نطلب منها دوما الدعاء له بالهداية، حتى عندما دخلت في الغيبوبة لم يعرف طريق منزلها، ووصل متأخرا، ولم يلحق أن يسمع منها كلمة الرضا.
لا نريد أن يأخذ نصيبه، ويعطيه لزوجته، وهي لا تعرف بيت الوالدة، ولا حتى ترسل أبناءها لرؤية جدتهم.
ما حكم الشرع في هذا الابن؟ وهل يجوز عدم إخباره بما تملك من مال، وتوزيعه على المحتاجين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما قام به الابن المشار إليه عقوق، وكبيرة من كبائر الذنوب، ففي الحديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر -ثلاثا- الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، أو قول الزور. متفق عليه.
فالواجب عليه التوبة إلى الله تعالى، وليجتهد في برها بعد وفاتها، فإن البر لا ينقطع بالموت. وانظري الفتوى: 422809 والفتوى: 185693. وكلاهما عن كيفية التوبة من العقوق في حياة الوالدين وبعد مماتهما.
وأما حرمان الابن العاق من الميراث؛ فلا يجوز حرمانه من نصيبه في الميراث، لأن الولد يرث أباه وأمه بسبب النسب لا بسبب البر، والنسب يستوي فيه العاق والبار، وموانع الإرث ثلاثة.
قال الرحبي في منظومته في الميراث:
ويمنع الشخص من الميراث واحدة من علل ثلاث
رق وقتل واختلاف دين فافهم فليس الشك كاليقين
فهذه موانع الإرث التي دل عليها الشرع، وليس منها العقوق، فالواجب عليكم تمكين أخيكم من أخذ نصيبه الشرعي في الميراث، وعليه إثم عقوقه، ويجب إخباره بالتركة التي خلفتها والدته، وعدم كتمان أي شيء منها؛ لأنه شريك في التركة، وليس أجنبيا عنها، فهو مالك لنصيبه الشرعي، فيخبر به، ولا يكتم عنه شيء، ولا يجوز أن يوزع نصيبه على المحتاجين بدون إذنه ورضاه، فاتقوا الله تعالى، ولا تتحيلوا لحرمانه من حقه.
والله أعلم.