السؤال
والدتي كثيرا ما تسافر بالقطار، وكانت معتادة على أن تصلي وهي جالسة، وأنا كنت أفعل ذلك أيضا، حتى رأيت شخصا يصلي بين عربات القطار، فطلبت منها أن تصلي بين عربات القطار، فلم تحب ذلك؛ لكي لا تكون ظاهرة أمام الرجال، فأصبحت تترك صلاة الفجر حتى يخرج وقتها؛ لكي تصليها قائمة، فما حكم ذلك؟ وهل تصليها قاعدة؟ وما ضابط عدم القدرة على القيام؟ فمن الممكن أن لا يوجد مكان للقيام في العربة التي أنا فيها، ويوجد مكان بعد خمس عربات أو أكثر، فهل يجب علي البحث في جميع العربات للتأكد؟ ومن الممكن أن يكون المكان بين العربات متسخا، أو مليئا بالتراب، فهل يجب علي أن أصلي فيه أيضا؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك عدة أمور، وسيكون الجواب في النقاط التالية:
1ـ لا يجوز لوالدتك ما فعلته من ترك الصلاة حتى يخرج وقتها تحت أي مبرر، بل تجب عليها الصلاة، وتأتي بالقيام إن أمكن، وإلا فتجلس، كما سبق تفصيله في الفتويين: 149505، 431923.
2ـ يجب على من كان بالقطار البحث عن مكان يصلي فيه قائما إن أمكن، ولو اقتضى ذلك البحث في جميع عربات القطار، لأجل تحصيل ركن القيام في الصلاة، ولا تجزئ الصلاة من جلوس عند الجمهور، إلا إذا عجز عن القيام لمشقة ظاهرة، ففي في المجموع للنووي: قال أصحابنا إذا صلى الفريضة في السفينة، لم يجز له ترك القيام مع القدرة، كما لو كان في البر، وبه قال مالك، وأحمد. وقال أبو حنيفة: يجوز إذا كانت سائرة. قال أصحابنا: فإن كان له عذر -من دوران الرأس، ونحوه- جازت الفريضة قاعدا.
وقال أيضا: ولا يشترط في العجز أن لا يتأتى القيام، ولا يكفي أدنى مشقة، بل المعتبر المشقة الظاهرة، فإذا خاف مشقة شديدة، أو زيادة مرض، أو نحو ذلك، أو خاف راكب السفينة الغرق، أو دوران الرأس؛ صلى قاعدا، ولا إعادة.
3ـ إذا وجد مكان طاهر يصلح للقيام، تعينت الصلاة قياما، ولو مع وجود غبار، أو وسخ، ويمكنك أن تأخذ معك ما يسهل حمله، ويمكن الصلاة عليه؛ تجنبا لذلك الوسخ والغبار.
كما أن ظهور والدتك أمام الرجال، لا يبيح لها ترك القيام مع القدرة عليه، وانظر المزيد في الفتوى: 269044، وهي بعنوان: "حكم صلاة المرأة جالسة حتى لا يراها الرجال".
4ـ يجب عليك أنت ووالدتك قضاء الفرائض التي أديتموها دون فرض القيام جهلا ـ مع القدرة عليه ـ عند الجمهورـ.
فإن لم تضبطا عدد الصلوات الباطلة، فواصلا القضاء؛ حتى يغلب على ظنكما براءة الذمة. وعن كيفية قضاء الفوائت، راجع الفتوى: 61320.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا قضاء عليكما. والراجح مذهب الجمهور. وانظر المزيد في الفتوى: 125226.
والله أعلم.