السؤال
أنا شاب مسلم، مرتبط بفتاة مسلمة، ولكني أحب فتاة نصرانية، وهي لا تعرف أني أحبها؛ بسبب ظروف كثيرة لم أخبرها، فماذا سيحدث في الآخرة إذا دخلت الجنة، هل سأتزوج النصرانية مع المسلمة؛ لقوله تعالى: "لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد"، وقوله: "ولهم ما يدعون"؟ فإذا كنت أحب هذه النصرانية حبا شديدا، فهل سأنقذها وأتزوجها في الآخرة، مع إدراكي لدخولها النار؛ لقوله تعالى: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار"؟ وإذا كانت الإجابة: لا، ألا يخالف هذا الآيتين الكريمتين في بداية السؤال؟ أتمنى الإجابة، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا التعارض يمكن فهمه لو سلمنا أن هذه الرغبة ستبقى على حالها في الجنة! ولكن الأمر على خلاف ذلك، فالمشرك الذي يدخل النار سيخلد فيها، ولن يرضى أحد من أهل الجنة أن يعطيه شربة ماء، فضلا عما هو فوق ذلك؛ لأنه يعلم أن الله حرم الجنة على الكافرين، قال تعالى: ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين [الأعراف:50].
وهذه المحبة التي يذكرها السائل، ستزول يوم القيامة، بل ستنقلب بغضا وعداوة، قال تعالى: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين {الزخرف:67}.
وقد سبق أن نبهنا في الفتوى: 199939 على أن أهل الجنة إنما يعطون ما يشتهون إذا دخلوها؛ وعندئذ فلن يشتهي أحدهم إلا ما يناسب حاله؛ فإن الناس في الدنيا تتفاوت شهواتهم وأمانيهم تفاوتا عظيما، ولهم في ذلك طرائف، وعجائب، بل ومخاز، وراجع أمثلة منها في الفتاوى: 97979، 125317، 111145، 122473.
والعاقل ينبغي أن يكون اهتمامه بدخول الجنة، وعلو درجته فيها؛ فبهذا ينشغل قلبه، ويلهج لسانه، ولا يحجر على نفسه، ويتكلف ما لا علم له به؛ فإن ما يتمناه المرء الآن لن يكون غاية أمنيته في الجنة إن دخلها، وما تقر به عينه، وتشتهيه نفسه الآن، قد لا يكون هو ما تقر به عينه، وتشتهيه نفسه هنالك؛ فهذه الدار تختلف عن تلك الدار جملة وتفصيلا.
والله أعلم.