السؤال
تزوجت في 14-12-2019، وبعد شهر حملت زوجتي -والحمد الله-، ومع بداية الحمل أصيبت بجلطة في الرأس، وكان الحمل صعبا عليها، وكان عندها استفراغ ووجع في الرأس، وذهبت للمستشفى وبقيت هناك شهرا ونصفا، وظلت تأخذ الدواء طول فترة الحمل، وفي آخر شهر من الحمل فاض الماء في المنزل، وذهبنا إلى أهلها لمدة شهرين من أجل إصلاحات المنزل.
أنا أسكن في ألمانيا، وأنجبت الطفل بعملية جراحية؛ للخطورة على حياتها في حال الولادة الطبيعية، وبعد الولادة بأسبوعين ذهبت إلى المستشفى لإجراء الفحوصات، وطلب منها الطبيب أن توقف الأدوية؛ لأنها تعافت من الجلطة.
بعد الولادة بـ 46 يوما حصلت لها جلطة في الرئة، وعلى إثر ذلك دخلت في غيبوبة لمدة 5 أيام، كانت على أجهزة التنفس وأجهزة القلب، وقال الأطباء في المستشفى: إذا أوقفنا الأجهزة فستموت، وأثناء الغيبوبة أصبح لديها نزيف في البطن، وكل أعضائها، وانتفخ بطنها وكل جسمها، وفي اليوم الخامس قال لنا الطبيب: إنه يجب إيقاف الأجهزة؛ لأن الدماغ قد مات، فهل تعد شهيدة -إن شاء الله- رغم أنها لم تكن تصلي بانتظام؟ وهل من المحرم أن أتمنى الموت كي ألحق بها؟ فأنا أحبها كثيرا؛ فقد كانت زوجة مطيعة، رغم صغر سنها (25 سنة)، وإذا قرأت القرآن وأهديتها ثوابه، فهل يجوز ذلك؟
أصبحت أقول في نفسي: لماذا يأخذ الله زوجتي، وهناك أشخاص أعمارهم 70 إلى 100 سنة أحياء، فهل هذا حرام؟
بعد موت زوجتي تبت إلى الله، وعاهدت نفسي أن لا أترك صلاة، ولكني في كل وقت أقول: "رب، حرمتني من زوجتي في الدنيا، فاجمعني بها في الفردوس الأعلى وفي حياة البرزخ، وعجل في موتي، وثبتني على دينك"، فهل يجوز هذا الدعاء؟ وشكرا لكم، وجعل الله عملكم في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيرجى لزوجتك -رحمها الله- أجر الشهداء؛ لما نالها من شدة في موتها، وانظر الفتوى: 34588.
وأما كونها لا تواظب على الصلاة، فهذا بلا شك ذنب عظيم، وإثمه كبير -نسأل الله تعالى أن يتجاوز عنا وعنها-، ورحمة الله واسعة، والعفو أحب إليه من العقوبة، ونرجو أن لا يمنعها ذلك من نيل ثواب الشهادة -بإذن الله تعالى-، قال الرملي في نهاية المحتاج: إن كان الموت معصية، كأن تسببت في إلقاء الحمل فماتت، أو ركب البحر وسير السفينة في وقت لا تسير فيه السفن فغرق، لم تحصل له الشهادة للعصيان بالسبب المستلزم للعصيان بالمسبب. وإن لم يكن السبب معصية، حصلت الشهادة، وإن قارنها معصية؛ لأنه لا تلازم بينهما. انتهى.
وراجع للفائدة الفتوى: 313645.
وكل قربة فعلتها، ووهبت ثوابها لها، فإن ذلك ينفعها -إن شاء الله-، وانظر الفتوى: 111133.
ولا ينبغي لك أن تتمنى الموت؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت: إما محسنا فلعله أن يعيش يزداد خيرا، وهو خير له، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب رواه أحمد، والنسائي، وصححه الألباني.
فسل الله أن يحسن خاتمتك، واجتهد في طاعته -سبحانه-، وسله -سبحانه- أن يجمعك بها في جنته؛ فإنه -تعالى- على كل شيء قدير.
وأما اعتراضك على حكم الله تعالى، وتوفيه إياها، فجهل عظيم، فإن الله تعالى لا يسأل عما يفعل، وله الحكمة البالغة في جميع ما يقدره ويقضيه -سبحانه وبحمده-، فتب إلى الله تعالى من هذا الاعتراض، والتسخط على قضاء الله وقدره، ولا تعد لمثل هذا البتة؛ فإنه أمر منكر فظيع، وهل لعن إبليس وطرد من رحمة الله تعالى إلا بسبب اعتراضه على أمر الله تعالى، حيث قال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين {ص:76}.
واستقامتك بعد موتها، أمر حسن، فعليك أن تستمر على هذا.
وسؤالك الله أن يجمعك بها في الجنة، وقبل ذلك في البرزخ، لا حرج فيه، وراجع الفتويين: 16227، 132465.
فالواجب عليك أن تتلقى ما نزل بك من البلاء بالصبر، والاحتساب، وألا يتوقف بك قطار الحياة عند تلك المحطة، بل ابحث عن زوجة صالحة أخرى، والنساء الصالحات كثير -والحمد لله-، وعسى الله أن يعوضك في الدنيا خيرا منها بمنه وكرمه.
والله أعلم.