السؤال
يأتينا أخي أحيانا بطعام من مال حرام، ونحن لا نطلب منه، ومع ذلك يحضره لنا، ولا نأكله؛ حتى أنه يفسد، ونرميه، ونشعر بالذنب، فهل يجوز لنا أكله؟ وماذا نفعل به؟ مع العلم أننا يتامى دون دخل. أفيدونا -جزاكم الله خيرا-.
يأتينا أخي أحيانا بطعام من مال حرام، ونحن لا نطلب منه، ومع ذلك يحضره لنا، ولا نأكله؛ حتى أنه يفسد، ونرميه، ونشعر بالذنب، فهل يجوز لنا أكله؟ وماذا نفعل به؟ مع العلم أننا يتامى دون دخل. أفيدونا -جزاكم الله خيرا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن ماله كله من كسب محرم، أو بعضه من كسب محرم، وبعضه من كسب مباح، فللعلماء في حكم الأكل من طعامه كلام كثير.
وحاصله ما ذكرناه في فتوى سابقة من أن من كان جميع ماله من الحرام؛ حرم الأكل منه، وإن كان ذلك هو الغالب، أو الأكثر: كره، إلا ان يكون طعامه قد اشتراه بعين المال الحرام؛ فيحرم.
وللاطلاع على كلامهم في هذا، راجع الفتوى: 6880.
ولكن إن كنتم فقراء، لا كسب لكم؛ فلا حرج عليكم في الأكل مما يحضره لكم، وقد ذكر أهل العلم أن الكسب الحرام إذا تخلص منه صاحبه، وأنفقه على الفقراء والمساكين؛ أنه يحل لهم، فهو في حق حائزه حرام، وفي حق آخذه بالحق حلال، قال النووي في المجموع شرح المهذب عن المال الحرام الذي لم يمكن رده إلى صاحبه: وإذا دفعه إلى الفقير، لا يكون حراما على الفقير، بل يكون حلالا طيبا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضا فقير، وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه، ونقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان، وغيره من السلف عن أحمد بن حنبل، والحارث المحاسبي، وغيرهما من أهل الورع؛ لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر، فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين. اهــ.
وإذا لم تكونوا فقراء محتاجين له، أو أردتم التورع عنه، فلا تتركوه يفسد ويتلف، كما عرفتم من كلام الإمام النووي الأخير، وإنما تعطونه لمن هو محتاج له.
هذا، ويجب عليكم نصح أخيكم باجتناب كسب الحرام؛ فالدين النصيحة، كما في الحديث الصحيح، وهو أولى الناس بنصيحتكم.
والله أعلم.