السؤال
كانت لي صداقة بفتاة، وتطور إلى حب، وكانت بيننا خلافات عادية، لا تصل إلى ضرري أو ضررها، وبعد مدة من صداقتنا هداني الله، وتركتها؛ بحجة هذه الخلافات، ومنذ تلك الفترة حتى الآن أشاهد منشوراتها فقط، وأحجب صورها، ولا أنظر إليها، وأتابع ما تمر به، وأحيانا تنشر أشياء تدل على أنها تحتاجني، وأحيانا تنشر عن مشاكل تمر بها، وإذا رأيتها تحتاج إلى نصيحة، أنشر منشورا فيه آية، أو حديث له علاقة بمشكلتها، وأعلم أنها تراه، عسى أن تتأثر به كما هداني الله، فهل متابعتها، وتوصيل بعض الأشياء إليها كما أفعل من تزيين الشيطان أم إنه لا بأس به؟ وقد قال لي أحد الشيوخ: هو من التعلق المحرم، طالما هي أجنبية عني، وقال لي آخر: لا إثم علي طالما لم يختلط بمحادثة، أو اختلاط، أو أية علاقة محرمة شرعا، فأيهما أصح؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على هذه النعمة التي أنعم الله عز وجل بها عليك، وتوفيقك إلى قطع هذه العلاقة الآثمة مع هذه الفتاة -نسأل الله لك الثبات، والمزيد في الصلاح، والهدى، والتقى-.
ونوصيك بشكر الله سبحانه على هذه النعمة؛ باجتناب أسباب الغواية، والعمل على كل ما يعين على الاستقامة، وراجع الفتاوى: 12928، 10800، 1208.
واعلم أن من أعظم علامات صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر؛ فالشيطان للإنسان بالمرصاد، وقد أمر الشرع بالتنبه لمكره وكيده واستدراجه العباد إلى المعاصي من حيث لا يشعرون، قال سبحانه: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر... {النور:21}.
ومن حام حول حمى الحرام، يوشك أن يقع فيه؛ ولذلك جاء الشرع بسد الذرائع إلى الحرام، وهي قاعدة معتبرة، ولها أدلتها، قال الشوكاني في إرشاد الفحول: من أحسن ما يستدل به على هذا الباب -يعني سد الذرائع- ما قدمنا ذكره من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا وإن حمى الله معاصيه، فمن حام حول الحمى، يوشك أن يواقعه"، وهو حديث صحيح, ويلحق به ما قدمنا ذكره من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك", وهو حديث صحيح أيضا، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس"، وهو حديث حسن، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "استفت قلبك وإن أفتاك المفتون"، وهو حديث حسن أيضا. اهـ.
وسد الذرائع إلى الحرام واجب، والخير كل الخير في أن يطلب المسلم السلامة لدينه وعرضه؛ فيجب عليك اجتناب متابعة منشورات هذه الفتاة؛ لتسلم من الوقوع في حبائل الشيطان ومصائده.
والله أعلم.