هل يستجاب دعاء مرتكب الذنوب؟

0 30

السؤال

هل مرتكب الذنوب -لو حصلت له مشكلة- لا يدعو الله، أم لا يقنط من رحمة الله؟
أعرف أن القنوط حرام، ولكن لو أن شخصا مستمرا في ارتكاب الذنوب، وحصلت له مشكلة، هل يدعو الله، أم لا ؟ وهل يكون له مخرج أم لا؟
هنالك ناس تقول إن الذنوب ستكون حائلا أمام تقبل الدعاء، وبهذه الحالة لن يقبل دعاؤه؟ ما صحة هذا الكلام؟ من لا يرتكب ذنوبا؟ الناس بشر، وليسوا ملائكة؟
أريد جوابا واضحا، ولو كان الجواب سيزيد الوضع سوءا، فلا تجيبوني. وشكرا جزيلا لكم.
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

  فلا يجوز للمسلم أن يقنط من رحمة الله تعالى، مهما كانت ذنوبه كبيرة، قال تعالى: ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون {الحجر:56}. 

والقنوط من رحمة الله تعالى ربما يكون أعظم من الذنب الذي ارتكبه الإنسان، وكل من ارتكب ذنبا مأمور أن يبادر إلى التوبة والاستغفار، وقد وعده الله تعالى بقبول توبته، وغفران ذنوبه، وإذا لم يرج ما عند الله تعالى من فضل ورحمة إلا المتقون الطائعون؛ فمن للعصاة المذنبين؟!!

وما أصدق قول القائل:

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة  فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن  فبمن يلوذ ويستجير المجرم
أدعوك رب كما أمرت تضرعا فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا   وجميل عفوك ثم أني مسلم

ولا شك أن طاعة الله تعالى، والاستقامة على شرعه؛ من أعظم وآكد أسباب إجابة الدعاء، كما قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}.

ولكن العاصي كذلك غير مسدود عنه باب الإجابة، إذا دعا مخلصا لله تعالى، مضطرا إليه؛ لعموم قوله تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم {غافر:60}، وقوله تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون {النمل:62}.

وقد بين الله في كتابه أنه يستجيب دعوة المشركين إذا أخلصوا له الدعاء مضطرين، كما قال تعالى: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم {الإسراء:67}. فالمسلم العاصي إذا أخلص الدعاء مضطرا أولى أن يكون مظنة الإجابة.

 فالواجب على المسلم المذنب أن يتوب إلى الله تعالى من جميع ذنوبه توبة صادقة، وأن يحسن الظن بربه تعالى، ويجتهد في دعائه راجيا القبول والتوفيق منه سبحانه، عالما أنه ما نال أحد ما عند الله بمثل طاعته، وليعلم أن أولى ما يدعو به المسلم هو صلاح أمر دينه، وأن يهديه صراطه المستقيم؛ ولذا أوجب الله علينا في كل ركعة من ركعات الصلاة أن نسأله الهداية إلى الصراط المستقيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة