السؤال
اغتسلت من الحيض، وبعد الاغتسال توضأت وصليت العصر والمغرب والعشاء، وقبل توجهي للنوم وجدت في ملابسي إفرازات بنية لزجة غير سائلة ليست دماء، فغيرت ملابسي، ولم أعد الاغتسال، وفي اليوم التالي توضأت وصليت، فهل علي إعادة الاغتسال، وقضاء ما صليت، أم إن ما فعلته صحيح، وليس علي إعادة الاغتسال مرة أخرى؟ وقد اغتسلت بناء على موعد انتهاء الحيض، فهو يأتيني ستة أيام، وأغتسل في نهاية اليوم السادس منها، ولا أرى شيئا من القصة البيضاء، ولكنني أتطهر على غالب ظن الجفوف؛ فأغتسل وأتطهر جيدا، وأرتدي ملابسي ولا أجد فيها شيئا، وهذه المرة كان الأمر مشابها، إلا أنني وجدت هذه الإفرازات بعد مرور عدة ساعات على الاغتسال، فقد توضأت وصليت أكثر من مرة ولم أجد شيئا، سوى عند موعد النوم -كما أوضحت-، فأرجو الإفادة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الكدرة التي نزلت بعد الطهر ليست بشيء، ولا تعد حيضا، وصلاتك صحيحة، ولا يجب عليك الاغتسال بعد نزولها؛ لقول أم عطية: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. رواه أبو داود، وصححه الألباني.
وهنا ننبهك على أمرين:
أولهما: أن المرأة تعرف الطهر بإحدى علامتين:
الأولى: نزول القصة البيضاء.
والثانية: حصول الجفاف التام، بحيث لو أمرت منديلا على ظاهر المخرج -وهو ما يبدو عند الجلوس- يخرج المنديل نقيا، ليس عليه أثر من دم، أو صفرة، أو كدرة، قال الباجي في "المنتقى": والمعتاد في الطهر أمران:
القصة البيضاء، وهي ماء أبيض.
والأمر الثاني: الجفوف، وهو أن تدخل المرأة القطن أو الخرقة في قبلها، فيخرج ذلك جافا، ليس عليه شيء من دم.
وعادة النساء تختلف في ذلك، فمنهن من عادتها أن ترى القصة البيضاء، ومنهن من عادتها أن ترى الجفاف. انتهى.
والثاني: أن الصفرة أو الكدرة إذا اتصلت بالحيض، فهي من الحيض، وإذا جاءت بعد تحقق الطهر، فلا يلتفت لها، قال البخاري -رحمه الله- في صحيحه: باب إقبال المحيض وإدباره، وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. تريد بذلك الطهر من الحيضة. والدرجة: هو الوعاء الذي تضع المرأة عليها طيبها ومتاعها، والكرسف: القطن. والصفرة: الماء الأصفر.
ودم الحيض غالبا ما يتغير لونه في آخر مدة الحيض، فيخف لونه، وقد تتبعه صفرة أو كدرة، وأثر عائشة -رضي الله عنها- يشير إلى هذا، ويدل على أن الصفرة المتصلة بالحيض، تعد حيضا.
وأما إذا تحقق الطهر بنزول القصة البيضاء، أو بالنقاء التام، فإنه لا يلتفت إلى الصفرة والكدرة حينئذ، وهذا ما دل عليه قول أم عطية -رضي الله عنها-.
والخلاصة: أنه لا يجب عليك الاغتسال بعد نزول تلك الكدرة؛ لكونها نزلت بعد حصول الطهر، وصلواتك صحيحة، ولا يلزمك إعادتها.
والله أعلم.