السؤال
زوج اشترى ذهبا لزوجته، وزاد لها من الذهب عما هو مذكور في عقد الزواج، ثم احتاج للمال أثناء تجهيز عرس أبنائه، فباعه، ثم مات، فهل يحسب من الدين الذي عليه لزوجته؟ وهل يحسب كل الذهب، أم على ما سجل بالعقد؟
زوج اشترى ذهبا لزوجته، وزاد لها من الذهب عما هو مذكور في عقد الزواج، ثم احتاج للمال أثناء تجهيز عرس أبنائه، فباعه، ثم مات، فهل يحسب من الدين الذي عليه لزوجته؟ وهل يحسب كل الذهب، أم على ما سجل بالعقد؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبخصوص الذهب الذي سمي في عقد الزواج، فهو من صداق الزوجة، لا يحل للزوج التصرف في شيء منه، إلا عن طيب نفسها؛ لقول الله جل وعلا: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا {النساء:4}، وقوله تعالى: وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا * وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا {النساء:20-21}.
لكن إن كانت الزوجة قد أعطت لزوجها ذهب صداقها عند احتياجه للمال عن طيب نفس؛ فتلك هبة، لا يجوز لها الرجوع فيها، ولا المطالبة بردها من ماله بعد وفاته، عند جمهور العلماء؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وأما إن كانت أعطته الذهب عند حاجته إليه على سبيل القرض، فهو دين في ذمته، يحق لها المطالبة به من تركته بعد وفاته.
وبخصوص الذهب الزائد على المسمى في عقد الزواج: إن كان قد أتى به الزوج لزوجته كهبة، فإنه يعتبر ملكا لها؛ لأنها هبة تمت حيازتها في حال صحته، واتصافه بأهلية التصرف. والأصل أن ما بيد المرأة من الحلي، وما يخصها من المتاع، يعتبر ملكا لها، ما لم يقم دليل على العكس.
وأما إن كانت لا تعرف هل هذا الزائد على المسمى هبة، أو عارية؛ ففي هذه الحالة يرجع إلى العرف والعادة في تلك البيئة: فإن كان من العادة أن ما جاء به الرجل للمرأة من الحلي الزائد على المسمى يكون ملكا لها؛ فإنها تملكه بذلك، ولو لم يصرح لها زوجها بأنه هبة لها.
أما إذا كان العرف يقتضي أن ما جاء به الزوج من الذهب الزائد على المهر المسمى يظل ملكا له، يتصرف به متى شاء؛ فإنه يعتبر من أملاكه، وله كامل التصرف فيه بالبيع، أو بالهبة، أو غير ذلك؛ إذ الرجوع إلى العادة أصل من الأصول المعتبرة شرعا؛ ولهذا فإن من القواعد الفقهية المتفق عليها: العادة محكمة. قال العلامة ابن أبي كفه الولاتي:
وكلما العادة فيه تدخل * من الأمور فهي فيه تعمل
وفي حالة ما إذا ثبتت ملكية الزوجة لهذا الذهب الزائد على المسمى بهبة صحيحة حيزت، أو بعادة محكمة، فلا فرق بينه وبين ذهبها الذي سمي لها في عقد الزواج.
ومن ثم؛ فيحق لها المطالبة بكل الذهب الذي أخذه الزوج منها على سبيل القرض، ويصير الجميع دينا في ذمته، يحق لها المطالبة به من تركته بعد وفاته.
ولعل الرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلدكم أحسن؛ لأنها أدرى بأعراف الناس وتعاملهم.
والله أعلم.