السؤال
كنت متزوجة من شاب، وطلقني ثلاث مرات، وبعد المرة الثالثة ذهب زوجي السابق إلى أحد المشايخ المعتبرين في منطقتنا، فأفتاه بوقوع الطلاق، وحدوث البينونة الكبرى، ثم سأل شيخا آخر فأفتى بنفس الأمر، ثم ذهب إلى شيخ ثالث، فأفتى ببطلان الطلاق؛ بحجة عدم نية الطلاق، رغم النطق الصريح للفظ الطلاق، فأقنعني، وعدت على مضض، ثم بعد أشهر قليلة استشهد زوجي السابق، ولم يكن لدي منه أطفال، وقضيت عدتي، ثم تزوجت من شاب آخر، ولدينا طفلان الآن، وأثناء حديثنا عن بعض ما جرى في حياتي، ذكرت حادثة الطلاق؛ فأخبرني أن اللفظ الصريح للطلاق يوقعه دون شرط النية، وأن فتوى الشيخ الأول والثاني هي الأحق، فهل وقعت في الحرام؟ وماذا يجب أن أفعل الآن؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجماهير أهل العلم على أن الطلاق يقع باللفظ الصريح، ولو بغير نية، وهذا هو المفتى به عندنا، لكن روي عن الإمام أحمد بن حنبل رواية بعدم وقوع الطلاق الصريح بغير نية، وهو قول ابن حزم الظاهري، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: قوله: فمتى أتى بصريح الطلاق، وقع، نواه أو لم ينوه:
أما إذا نواه، فلا نزاع في الوقوع.
وأما إذا لم ينوه؛ فالصحيح من المذهب، ونص عليه الإمام أحمد -رحمه الله-، وعليه الأصحاب، أنه يقع مطلقا.
وعنه، لا يقع إلا بنية، أو قرينة غضب، أو سؤالها، ونحوه. انتهى.
وقال ابن حزم -رحمه الله- في المحلى: لا يقع طلاق إلا بلفظ من أحد ثلاثة ألفاظ: إما الطلاق، وإما السراح، وإما الفراق، مثل أن يقول: أنت طالق، أو يقول: مطلقة، أو قد طلقتك، -أو أنت طالقة، أو أنت الطلاق-، أو أنت مسرحة، أو قد سرحتك، أو أنت السراح، -أو أنت مفارقة، أو قد فارقتك، أو أنت الفراق.
هذا كله إذا نوى به الطلاق، فإن قال في شيء من ذلك كله: لم أنو الطلاق، صدق في الفتيا. انتهى.
وعليه؛ فما دام زوجك -رحمه الله- قد سأل أهل العلم، فأفتاه بعضهم بعدم وقوع الطلاق، بناء على قول من يقول بذلك من أهل العلم؛ ورجعت إليه؛ بناء على صحة هذه الفتوى؛ فلا حرج عليكما -إن شاء الله-؛ فإن من سأل من يثق في علمه ودينه من أهل العلم في مسألة من المسائل المختلف فيها، فأفتوه بقول من الأقوال المعتبرة عند أهل العلم؛ فلا حرج عليه في العمل بفتواهم.
أما إذا كنت رجعت إلى زوجك وأنت غير مطمئنة لصحة الفتوى؛ فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، وراجعي الفتويين: 285661، 257413.
والله أعلم.