السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أعاني من وسواس قهري عنيف جدا عند تكبيرة الإحرام، وقد عاهدت الله أكثر من مرة على التخلي عنه وفشلت فى ذلك، ثم قلت إن شاء الله بعد الفشل وأحيانا أقول أعاهد الله ولا أستثني ثم أستثني بعد ذلك بعد أن يغلبني الوسواس اللعين، هل علي كفارة، وهل يمكن أيضا الاستثناء من عهد الله مثل اليمين، وهل هناك وقت محدد يجب علي الشخص أن يسثني فيه، وهل الموسوس المجنون تقريبا تنعقد أيمانه؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك من هذه الوساوس وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه، وقد سبقت لنا عدة فتاوى حول الوسواس القهري وعلاجه، راجعها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 3171، 11752.
ويجب على من عاهد الله عهدا أن يفي به، قال الله تعالى: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون [النحل:91].
فإن نقض المعاهد العهد الذي بينه وبين الله وجبت عليه في ذلك التوبة إلى الله وكفارة يمين، وقد مضى ذلك مفصلا في الفتوى رقم:7375.
وبناء على هذا، فإذا كنت قد فعلت ما يعد نقضا لعهدك مع الله بترك الوسواس، كأن تكون كررت التكبير للإحرام مثلا أو نحو ذلك من الأفعال، فقد وجبت عليك كفارة يمين، إلا أن تكون قد استثنيت عند عهدك وقلت إن شاء الله أو ما في معنى ذلك من العبارات قاصدا الاستثناء، واتصل ذلك بعهدك دون أن يفصل عنه فاصل إلا بسعال أو أخذ نفس أو نحو ذلك.
فإن كنت قد استثنيت على هذا النحو، فلا نقض للعهد ولا كفارة، وأما إن كنت لم تفعل ما يعد نقضا للعهد، كأن يكون الأمر لم يخرج عن حديث النفس ولم يصل إلى الفعل، فلا يعد ذلك نقضا للعهد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به. رواه مسلم، وعلى هذا فمجرد التفكير أو حديث النفس لا يترتب عليه حكم ولا يعد نقضا للعهد.
فهذا ما يتعلق بالشق الأول من السؤال، أما الشق الثاني فمما تقدم تعلم أنه يجوز لك الاستثناء من عهد الله كاليمين، ويشترط لصحة الاستثناء أن تكون قد قصدت الاستثناء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه، ويشترط أيضا أن يكون الاستثناء متصلا باليمين بحيث لا يفصل بينهما كلام أجنبي ولا تسكت سكوتا يمكنك الكلام فيه، فأما السكوت لانقطاع نفسك أو صوتك أو لعارض من عطش ونحوه فلا يمنع صحة الاستثناء وثبوت حكمه، وأما قولك: وهل الموسوس المجنون تنعقد أيمانه؟
فالجواب أن العقل هو مناط التكليف، فما دام عقله حاضرا لم يغب فهو مكلف يلزمه ما يلزم المكلفين، فإن غاب عقله فحكمه حكم المجنون، ويلحق بغياب العقل غلبة الخلل في الأقوال والأفعال.
جاء في رد المحتار في فقه الحنفية: وكذا يقال في من اختل عقله لكبر أو لمرض أو لمصيبة فاجأته، فما دام في حال غلبة الخلل في الأقوال والأفعال لا تعتبر أقواله.
والله أعلم.