تفسير: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى

0 34

السؤال

قال الله تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى.
فما الزمن المقدر في: ثم اهتدى، من الآية. هل هو شهر، أم 3 أشهر أم أكثر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:               

 فإن قوله تعالى: ثم اهتدى {طه:82}، فيه عدة أقوال.

يقول القرطبي في تفسيره: (وإني لغفار لمن تاب) أي: من الشرك. (وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) أي: أقام على إيمانه حتى مات عليه. قاله سفيان الثوري وقتادة وغيرهما.

وقال ابن عباس: أي: لم يشك في إيمانه، ذكره الماوردي والمهدوي.

وقال سهل بن عبد الله التستري وابن عباس أيضا: أقام على السنة والجماعة، ذكره الثعلبي.

وقال أنس: أخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم. ذكره المهدوي، وحكاه الماوردي عن الربيع بن أنس.

وقول خامس: أصاب العمل. قاله ابن زيد، وعنه أيضا تعلم العلم ليهتدي كيف يفعل. ذكر الأول المهدوي، والثاني الثعلبي.

وقال الشعبي ومقاتل والكلبي: علم أن لذلك ثوابا وعليه عقابا، وقاله الفراء.

وقول ثامن: ثم اهتدى. في ولاية أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، قاله ثابت البناني.

والقول الأول أحسن هذه الأقوال- إن شاء الله- وإليه يرجع سائرها. اهـ.

وكلمة (ثم) دالة على التراخي بين الاهتداء، وما قبله من التوبة، والإيمان، والعمل الصالح، كما يفهم من كلام بعض علماء التفسير، لكن لم نقف على أن هذا التراخي محدد بمدة زمنية كشهر، أو أقل، أو أكثر.

قال الزمخشري في الكشاف: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (82).

الاهتداء: هو الاستقامة والثبات على الهدى المذكور، وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح، ونحوه قوله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا. وكلمة التراخي (ثم) دلت على تباين المنزلتين، دلالتها على تباين الوقتين في: جاءني زيد، ثم عمرو أعني أن منزلة الاستقامة على الخير مباينة لمنزلة الخير نفسه؛ لأنها أعلى منها وأفضل. اهـ.

وقال الألوسي في روح المعاني: وأيا ما كان، فكلمة (ثم) إما للتراخي باعتبار الانتهاء؛ لبعده عن أول الانتهاء. أو للدلالة على بعد ما بين المرتبتين فإن المداومة أعلى وأعظم من الشروع. اهـ. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات