صيانة اللسان عن الفحش والبذاءة

0 21

السؤال

كثيرا ما أرى المسلمين يسبون المثليين والملحدين بشتائم قذرة، ويسبون أمهاتهم وعائلاتهم، وهذا يحدث عندما يجد بعض المسلمين حسابات الملاحدة والمثليين على مواقع التواصل الاجتماعي، ويسبونهم ويلعنونهم دون أن يتكلم الملحد أو المثلي، أفليس من المفترض عندما يسيء الملحدون أو المثليون للإسلام ألا نرد عليهم، وأن نريهم أن الإسلام دين جميل؟ وهل يجب أن نكره الملحدين والمثليين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبغض الملحدين وأهل الفواحش شيء، وسبهم -فضلا عن سب عائلاتهم- شيء آخر؛ فالمؤمن يبغض الكفر وأهله، ويبغض الفواحش ومرتكبيها، على قدر شرهم وفسادهم، ولكنهم في الوقت نفسه محل دعوته ونصحه، يدعوهم إلى الحق، ويأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، كما قال تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون [آل عمران:104].

وهو في ذلك يصون لسانه عن الفحش والبذاءة؛ فليس من شأنه الفحش، ولا التفحش، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء. رواه الترمذي، وأحمد، وصححه الألباني.

وقال أيضا -صلى الله عليه وسلم-: إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا. قال المنذري: رواه أحمد، والطبراني، وإسناد أحمد جيد، ورواته ثقات. اهـ. وحسنه الألباني.

وعلى هذا تواردت الأحاديث النبوية، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: البذاء من الجفاء، والجفاء في النار. قال المنذري: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. والترمذي، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. اهـ. وصححه الألباني.

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: إياكم والفحش والتفحش؛ فإن الله لا يحب الفاحش المتفحش، وإياكم والظلم؛ فإنه هو الظلمات يوم القيامة. قال المنذري: رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد. اهـ. وصححه الألباني.

وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهدي المبارك حتى مع أشد الناس عداوة للمؤمنين، وعلم أمته ذلك، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أناس من اليهود، فقالوا: السام عليك -يا أبا القاسم-. قال: وعليكم. قالت عائشة: قلت: بل عليكم السام والذام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، لا تكوني فاحشة. فقالت: ما سمعت ما قالوا؟! فقال: أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا، قلت: وعليكم. وفي رواية: مه -يا عائشة-؛ فإن الله لا يحب الفحش والتفحش. رواه البخاري، ومسلم، واللفظ له. وفي رواية للبخاري أن عائشة قالت: عليكم، ولعنكم الله، وغضب الله عليكم. فقال صلى الله عليه وسلم: مهلا -يا عائشة-، عليك بالرفق، وإياك والعنف، والفحش.

ولنا في نبي الله لوط -عليه السلام- قدوة حسنة في دعوته لقومه، وحسن بيانه لهم، مع جمعهم بين الكفر والفاحشة الشاذة، قال الله تعالى: كذبت قوم لوط المرسلين. إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون. إني لكم رسول أمين. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين. أتأتون الذكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون. قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين. قال إني لعملكم من القالين. رب نجني وأهلي مما يعملون [الشعراء:160-170].

قال السعدي في تفسيره: كانوا -مع شركهم- يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران المستقذر الخبيث، ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم؛ لإسرافهم، وعدوانهم، فلم يزل ينهاهم حتى {قالوا} له {لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين} أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه {قال إني لعملكم من القالين} أي: المبغضين له الناهين عنه المحذرين. {رب نجني وأهلي مما يعملون} من فعله، وعقوبته، فاستجاب الله له ... اهـ. وانظر الفتوى: 308188.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة