هل يسع المستفتي العمل بفتوى لم يطمئن قلبه لصحتها؟

0 19

السؤال

في حالة أخذ فتوى من دار الإفتاء أن القرض لشراء شقة؛ حلال، وموقعكم الكريم قال: إنه حرام، فهل يكون علي وزر أمام الله إذا أخذت برأي دار الإفتاء، وأخذ الرخصة منهم في حالة الاحتياج؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالاقتراض بالربا؛ من أكبر الكبائر، ومما يوجب اللعن، ويمحق البركة؛ فلا يجوز الإقدام عليه؛ إلا عند الضرورة، كخوف الهلاك. وليس من الضرورة شراء شقة للسكنى، وراجع الفتوى: 6501، والفتوى: 102645.

واعلم أن الواجب على العامي أن يسأل من يثق بعلمه ودينه، ويعمل بما يطمئن إلى صوابه وموافقته الحق.

أما إذا لم يطمئن قلب المستفتي لصحة قول المفتي، فلا يسعه العمل به، مهما كانت مكانة المفتي، قال ابن القيم -رحمه الله-: لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه، وحاك في صدره من قبوله، وتردد فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: استفت نفسك، وإن أفتاك الناس وأفتوك، فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولا. ولا تخلصه فتوى المفتي من الله، إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يأخذه؛ فإنما أقطع له قطعة من نار.

والمفتي والقاضي في هذا سواء، ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه، إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن، سواء تردد أو حاك في صدره؛ لعلمه بالحال في الباطن، أو لشكه فيه، أو لجهله به، أو لعلمه جهل المفتي، أو محاباته في فتواه، أو عدم تقييده بالكتاب والسنة، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها.

فإن كان عدم الثقة والطمأنينة لأجل المفتي، يسأل ثانيا وثالثا؛ حتى تحصل له الطمأنينة؛ فإن لم يجد، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. والواجب تقوى الله بحسب الاستطاعة. انتهى من إعلام الموقعين عن رب العالمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة