من حرمت الجمال في الدنيا هل ترزقه في الجنة؟ وكيف تكبح رغبتها في الزواج؟

0 27

السؤال

أشكركم على ما تقدمونه لنا من علم وإجابات -زادكم الله علما-.
سؤالي يتألف من شقين يتعلقان بمظهري، فأنا أعلم أن الأرزاق موزعة بين العباد، ولكن شاء الله سبحانه أن لا يرزقني الجمال، فأنا دميمة الشكل، ولدي مرض في عيني، فضلا عن عيوب أخرى في جسدي، وأنا راضية بما أصابني -والحمد لله-، وأؤمن بقدر الله خيره وشره، وأؤمن بأن الدنيا دار ابتلاء، ولقد أكرمني الله ومن علي بالكثير من النعم، وأعظمها نعمة الإسلام، ولكن سؤالي يتعلق بالزواج، فأنا لدي رغبة في الزواج -كباقي الفتيات-، ولكني متفهمة أن حب الرجال للجمال أمر فطري، ومتفهمة أنهم يريدون أن يعفوا بصرهم؛ لذلك لا يتزوجون دميمات الشكل؛ لذلك سوف أصبر على عدم الزواج، وسيغنيني الله، فكيف أكبح رغبتي في الزواج، ورغبتي أن يكون لدي أطفال؟ فالتفكير في الزواج يؤرقني.
أما الشق الآخر من السؤال والأهم: فهل سأكون بنفس شكلي في الجنة؟ فإن كنت أريد أن أكون فتاة جميلة في الجنة، فهل سأصبح جميلة؟ خصوصا أن الرجال سيكونون في جمال يوسف في الآخرة، فهل النساء سيصبحن جميلات أيضا؟ خصوصا من حرمت من نعمة الجمال في الدنيا مثلي. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن الله تعالى قسم بين عباده الأرزاق، ومن ذلك المظهر والشكل، وما يراه الإنسان دميما قد يراه غيره حسنا، وخلق الله تعالى كله حسن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن شكا إليه أنه أحنف، وأن ركبتيه تصطكان، قال له: "كل خلق الله عز وجل حسن". والحديث رواه الإمام أحمد.

وكم من شيء يراه بعض الناس دميما، ويراه آخرون حسنا، والزواج أيضا قسمة من عند الله، فكم من جميلة تأخر زواجها، أو لم تتزوج، وكم من امرأة أقل منها جمالا عجل زواجها، ورزقها الله تعالى الذرية؛ فاجتهدي في دعاء الله تعالى، واصبري.

وأما "كبح الرغبة عن الزواج" كما ذكرت، فإن كنت تعنين به كيفية الكف عن التفكير فيما يتعلق بالشهوة، فقد أمر الله تعالى في كتابه من لم يقدر على الزواج بالصبر، والاستعفاف عن الحرام؛ حتى يغنيه الله تعالى، قال الله تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله {النور:33}، قال السعدي في تفسيره: هذا حكم العاجز عن النكاح، أمره الله أن يستعفف، أن يكف عن المحرم، ويفعل الأسباب التي تكفه عنه، من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تخطر بإيقاعه فيه، ويفعل أيضا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوج، ومن لم يستطع؛ فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء. اهــ.

وفي أضواء البيان: هذا الاستعفاف المأمور به في هذه الآية الكريمة، هو المذكور في قوله: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون [24 30]، وقوله تعالى: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [17 32]، ونحو ذلك من الآيات. اهــ.

فاجتهدي في دعاء الله تعالى؛ فإن الدعاء أعظم أبواب تحصيل الخير، ودفع الشر، وقد وعد الله تعالى بالإجابة، فلا تيأسي.

وانظري المزيد في الفتوى: 93689، وفيها نصائح لمن لم يتيسر لها الزواج، والفتوى: 334426 عمن تتعفف وتتستر لييسر الله لها أمر الزواج، والفتوى: 103007 فيمن تجنبت الحرام، ولم تجد سبيلا إلى الزواج.

وأما السؤال الثاني: فإن الجنة ليس فيها شيء دميم، والمرأة من نساء الجنة -وإن كانت قليلة الجمال في الدنيا-، فإنها تكون على جمال رفيع في الجنة، وقد قال الله تعالى: وفرش مرفوعة {الواقعة:34}، وهذا وصف لنساء الجنة على أحد التفسيرين، قال ابن الجوزي في زاد المسير: المراد بالفرش: النساء. والعرب تسمي المرأة: فراشا، وإزارا، ولباسا، وفي معنى رفعهن ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهن رفعن بالجمال على نساء أهل الدنيا.

والثاني: رفعن عن الأدناس.

والثالث: رفعن في القلوب؛ لشدة الميل إليهن. اهــ.

وقال القرطبي: فالمعنى: ونساء مرتفعات الأقدار في حسنهن وكمالهن، دليله قوله تعالى: (إنا أنشأناهن إنشاء)، أي: خلقناهن خلقا، وأبدعناهن إبداعا. والعرب تسمي المرأة فراشا، ولباسا، وإزارا، وقد قال تعالى: (هن لباس لكم). اهـ.

وانظري الفتويين التاليتين: 181091، 114111

أما كون أهل الجنة من الرجال يكونون على صورة يوسف؛ فقد ورد فيه حديث المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد يموت سقطا، ولا هرما، وإنما الناس فيما بين ذلك، إلا بعث ابن ثلاثين سنة، فمن كان من أهل الجنة، كان على مسحة آدم، وصورة يوسف، وقلب أيوب. ومن كان من أهل النار، عظموا، وفخموا كالجبال. والحديث حسن إسناده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة