السؤال
من المعلوم أن المجتهد مصيب في فقه العبادات، فهل هو مصيب في مسائل الفقه الأكبر التي يسوغ فيها الاجتهاد، أو في المسائل التي لا تعلم إلا يوم الحساب؟ كاختلاف العلماء في كفر تارك الصلاة تهاونا، أو اختلافهم في حبوط العمل بالرياء بعده، أو الاختلاف في عمل معين من الكبائر أو الصغائر -وفقنا الله وإياكم لخدمة دينه وعباده، وجزاكم خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا فرق بين مسائل الأصول والفروع في كون بعضها اجتهاديا، وكون المجتهد الذي بذل وسعه مأجورا، وإن أخطأ، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام طويل له، خطأ تقسيم المسائل إلى مسائل أصول لا يسوغ فيها الاجتهاد، وأخرى يسوغ فيها الاجتهاد؛ لكونها من مسائل الفروع، هذا أولا.
وثانيا: فإن كل مجتهد كملت آلته، وتوفرت لديه شروط الاجتهاد، مصيب، إذا بذل وسعه واجتهد، لا أنه مصيب حكم الله في نفس الأمر، بل المصيب لحكم الله واحد، وهو المأجور أجرين، والمخطئ مأجور أجرا واحدا؛ لاجتهاده، وخطؤه مغفور، وقد بينا أنواع الخلاف بين العلماء، وحكم كل نوع منها، وما يجب تجاه هذا كله، في الفتوى: 350746.
والمسائل التي ذكرتها هي من مسائل الخلاف الاجتهادية بين الفقهاء؛ فالعالم المجتهد فيها مأجور، وإن أخطأ الصواب في نفس الأمر.
والعامي عليه أن يقلد من يثق به من أهل العلم، وذمته بريئة بذلك عند الله تعالى؛ لأنه فعل ما يسعه وما أوجبه الله عليه.
ومن اعتقد في شيء من ذلك قولا سائغا، قال به أحد من أهل العلم المعتبرين، فلا إنكار عليه، ولا عقوبة عليه في الآخرة.
وختاما: نحذرك من الوساوس، ومن الاسترسال معها؛ فإن الاسترسال معها يفضي إلى شر عظيم.
والله أعلم.