كيفية تعجيل الزكاة وإخراج زكاة مدّخرات الراتب

0 16

السؤال

تكلمتم عن تعجيل الزكاة لمن يريد ذلك؛ سواء كان الشخص موظفا، ويخرج زكاة راتبه كله دفعة واحدة بداية الحول، ولا يجعل لكل شهر حولا منفردا، أم كان غير موظف، وقلتم: إن هذا الفعل يكفي، ويكون الإنسان قد أدى الواجب أمام الله تعالى.
وقرأت في بعض الفتاوى أنه يجب على الشخص أن يحسب المال نهاية حول الزكاة مرة أخرى، وينظر هل أدى الذي عليه، أو أقل؛ وعليه حينئذ أن يكمل ما تبقى، فهل على كل من عجل زكاته أن ينظر في نهاية الحول، ويحسب الزكاة مرة أخرى، ويتأكد أنه أدى الذي عليه؟ فأنتم لم تذكروا هذا الشيء في كل فتوى إلا نادرا.
فإذا كنت موظفا، وآخذ بالطريقة اليسيرة، وهي تعجيل الزكاة؛ لكي لا أحسب لكل شهر حولا، فهل يجب علي نهاية كل حول لكل شهر أن أحسب المال، وأنظر إن كنت أديت الذي علي أم لا، وأخرج ما تبقى؟ أرجو التوضيح؛ لأن هذه الخطوة لم تغير صعوبة الزكاة للموظف لكل شهر، ولو عجل الزكاة؛ لأن عليه احتسابها كل شهر؛ خوفا من بقاء شيء في الذمة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فتعجيل الزكاة لا حرج فيه، على الراجح من أقوال أهل العلم، ولو كان التعجيل لسنتين؛ لما روى أبو عبيد في الأموال عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة سنتين.

وكيفية تعجيل الزكاة من حيث الإجمال هي: أن يخرج المرء زكاة المال الموجود لديه لعامين مثلا، ثم ينظر في ماله نهاية كل عام، فإن زاد، فإن عليه زكاة الزائد، وإلا فلا شيء عليه، قال الماوردي في الحاوي الكبير: إذا عجل بزكاة ماله قبل الحول، فقد ملكها المساكين بالأخذ، ويستقر ملكهم عليها بالوجوب، لكنها في حكم ملكه قبل الحول؛ حتى يستقر عليه الوجوب، فإذا حال الحول، ضم ما عجل إلى ما بيده، وزكاهما معا.

فلو كان معه أربعون شاة، عجل منها شاة، ثم حال الحول عليه تسعة وثلاثين والشاة المعجلة؛ لزمته الزكاة. ولو كان معه مائتا شاة، فعجل زكاتها شاتين، ظنا منه بأنهما قدر زكاته، فلم يحل الحول حتى نتجت شاة، وصارت مع التعجيل مائتي شاة وشاة، كان عليه إخراج شاة ثانية اعتبارا بقدر ماله عند الحول. انتهى.

أما بخصوص سؤالك عن كيفية إخراج زكاة مدخرات الراتب؛ فالخلاصة أن لزكاتها طريقتين:

الأولى -وهي أيسرهما، وأنفعهما للفقراء-: أن ينظر إلى اليوم الذي اجتمع فيه عنده نصاب، فيجعله بداية حول ماله، فإذا مضى حول هجري من ذلك اليوم، نظر في جميع ما في الحساب -ما حال حوله، وما لم يحل حوله-؛ فيخرج ربع عشر الموجود، ثم لا يخرج منه شيئا بعد ذلك حتى يحول عليه الحول مرة ثانية وهو بالغ نصابا.

وأما مراجعة المال الذي عجلت زكاته، والنظر هل زاد فتخرج الزكاة عن الزيادة؛ فهذه المراجعة والنظر لا يحتاجهما صاحب الراتب؛ لأن الزيادة الحاصلة بعد الزكاة ليست ناشئة عن المال المزكى، وإنما يحتاج إلى تلك المراجعة والنظر من كانت الزيادة المتوقعة ناشئة عن المال المزكى، كصاحب التجارة؛ لأن ما يربحه ناشئ عن المال الذي وجبت فيه الزكاة، وكذلك صاحب الماشية، فإن ماشيته قد تزداد بأولادها. 

 وبناء عليه؛ فمن أخذ راتبه الأول في شهر رمضان مثلا، ووفر منه ما يبلغ النصاب، فإذا جاء رمضان الذي بعده نظر إلى ما ادخره من المال خلال السنة كلها، فزكاه من غير تفريق بين ما حال حوله وبين غيره، ولا يحتاج مراجعته، والنظر إليه، حتى يأتي رمضان الثاني، فيزكي الموجود، وهكذا. 

والطريقة الثانية لزكاة المدخرات هي: أن يجعل لكل ما ادخره من كل شهر حولا مستقلا، وحسابا خاصا، بعد ملك النصاب، ولا يخفى عسر هذه الطريقة. 

وأما ما أشرت إليه من وجود تفصيل وزيادة في بعض الفتاوى بالموقع دون البعض؛ فقد يكون سبب ذلك هو اختلاف أسئلة السائلين، وتضمن بعضها جزئيات، فيحتاج في الجواب عنها إلى تفصيل لا يكون في غيرها، وهذا في الغالب. 

ويمكنك الرجوع إلى أحد أهل العلم ومشافهته بالسؤال؛ ليفصل لك الجواب، ويزيل ما لديك من إشكال.

ونسأل الله أن يؤتيك من لدنه رحمة، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.  

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة