السؤال
أنا متزوجة من سنة، وزوجي كثير التلفظ بالطلاق عند الغضب، وهو دائما يهدد بالطلاق، وقد حصل الطلاق مرتين عبر الرسائل النصية واتساب، والثالثة كانت بالإجبار وجها لوجه.
كنت في غضب شديد، وحالة هستيرية من زوجي لتهديدي بالطلاق، فبدأت بالصراخ، والتكسير، وقلت له: كفى تهديدا، طلقني الآن، وكسرت عدة أشياء، وبدأت أضرب نفسي، وأضربه، وقلت له: كفى تهديدا، كن رجلا، وطلق الآن، وقلت له: إن لم تطلق سأنزل إلى الشارع الآن بعد المغرب. فاعتقد أني سأنزل بلا حجابي، فقال: أنت طالق، وكانت علامات وجهه مرتجفة، وبالكاد استطاع قول أنت طالق.
أرجوكم أفيدوني: هل هذه الطلقة تحسب؟
أنا أعترف أني عندما أغضب لا أعي ما أتصرف، أو أقول في حياتي اليومية، فكنت دائما أستفزه بكلامي المهين.
أرجوكم أفيدوني، وادعوا لي بالهداية، وهدوء البال، وطمأنينة النفس.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أن الغضب -وإن كان شديدا- لا يمنع نفوذ الطلاق، ما لم يزل العقل، وراجعي الفتوى: 337432.
والطلاق الصريح الذي تلفظ به زوجك بعد سؤالك الطلاق، وتهديدك بالنزول إلى الشارع؛ نرى أنه واقع؛ ما دام الزوج تلفظ بالطلاق مدركا لما يقول، ولا يظهر لنا أنه كان مكرها عليه، فليس كل إلحاح أو تهديد؛ يعد إكراها، وإنما يكون الإكراه عند غلبة الظن بحصول ضرر شديد؛ كالقتل، أو الضرب، ونحو ذلك.
قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: يشترط للإكراه شروط:
أحدها: أن يكون المكره بكسر الراء قادرا بسلطان، أو تغلب، كاللص ونحوه.
الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به، إن لم يجبه إلى ما طلبه، مع عجزه عن دفعه، وهربه، واختفائه.
الثالث: أن يكون ما يستضر به ضررا كثيرا، كالقتل، والضرب الشديد، والحبس، والقيد الطويلين، وأخذ المال الكثير. انتهى. وراجعي الفتوى: 417685.
والأولى أن يعرض الزوج المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم في بلدكم.
وننبه إلى أن الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، والحرص على ضبط النفس، والحذر من عواقب الاسترسال مع الغضب، فهو مفتاح الشر.
كما أن التهديد بالطلاق، وكثرة الحلف به؛ مسلك مخالف للشرع، ومناف للمعاشرة بالمعروف.
والله أعلم.