السؤال
أنا شاب عمري 24 عاما، وأعمل، ولدي مصدر دخل يكفيني، ولله الحمد.
والدي متوفى، وأمي تعمل، ولديها مصدر دخل يكفيها أيضا، ولله الحمد.
تزوجت من أرملة تكبرني في السن بفارق كبير نسبيا: 15 عاما، ولكن يعلم الله أن ذلك بسبب حسن أخلاقها ولدينها وصبرها، وأن لديها ابنا معاقا تصبر عليه، وتحمله وحدها، فأردت فيه الثواب، وأردت أن أعف نفسي بها عن الحرام وأعفها، وخطبتها من أهلها وتزوجتها دون علم أهلي؛ لأنهم لن يوافقوا لفارق السن.
والآن بعد أربعة أشهر من الزواج علمت أمي الخبر وصعقت، وتضع الآن علاقتي بها في كفة، وزواجي في كفة أخرى، وتريد إجباري علي طلاقها بلا رجعة، أو أنسى أن لي أما، وأنها ستقاطعني مدى العمر، وأنا لا أريد أن أكون عاقا لأمي، ولا أريد أن أطلق تلك المسكينة التي تزوجتها، والتي لم أر منها إلا كل خير، ولا توجد فرصة لإصلاح الأمر بالنسبة لأمي، إما طلاق بلا رجعة، أو تغضب علي، وأنسى أن لي أما، كما قالت.
أرجوكم ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الأم على ولدها عظيم، وبرها وطاعتها في المعروف من أوكد الواجبات، ومن أفضل الطاعات، لكن الطاعة لا تكون إلا في المعروف. فإذا أمرت الأم ولدها بفراق زوجته لغير مسوغ، فلا تجب طاعتها في طلاقها، ولا يكون الولد عاقا لأمه بعدم طاعتها في طلاق زوجته، بل قال بعض أهل العلم بتحريم طاعة الأم في طلاق الزوجة في مثل هذه الحال.
قال ابن مفلح -رحمه الله- في الآداب الشرعية: ونص أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه: إذا أمرته أمه بالطلاق، لا يعجبني أن يطلق؛ لأن حديث ابن عمر في الأب.
ونص أحمد -أيضا- في رواية محمد بن موسى: أنه لا يطلق لأمر أمه، فإن أمره الأب بالطلاق طلق إذا كان عدلا.
وقول أحمد -رضي الله عنه- لا يعجبني كذا، هل يقتضي التحريم أو الكراهة؟ فيه خلاف بين أصحابه.
وقد قال الشيخ تقي الدين فيمن تأمره أمه بطلاق امرأته، قال: لا يحل له أن يطلقها، بل عليه أن يبرها، وليس تطليق امرأته من برها. انتهى.
وعليه؛ فما دامت زوجتك صالحة؛ فلا تطلقها، لكن عليك أن تجتهد في بر أمك والإحسان إليها واسترضائها، ووسط بعض العقلاء من الأقارب أو غيرهم من الصالحين ليثنوها عن سؤالك تطليق زوجتك.
ومتى استعنت بالله -عز وجل- وأخلصت النية لوجهه، واستعملت الرفق والمداراة، فسوف يسهل عليك -بإذن الله- الجمع بين بر أمك، وإمساك زوجتك.
والله أعلم.